بالتعويض بين أن يكون قد شرط التعويض في العقد، أو وقع بعده بأن وقع العقد مطلقا، إلا أنه بذل له العوض بعد ذلك وأعطاه إياه، لكنهم صرحوا بأنه لا يحصل التعويض بمجرد البذل، بل لا بد من قبول الواهب له، وكون البذل عوضا " عن الموهوب قالوا: لأنه بمنزلة هبة جديدة، ولا يجب عليه قبولها.
بقي الكلام هنا في أنه لو وهب وأطلق هل يقتضي التعويض أم لا؟ المشهور الثاني، وقال الشيخ في الخلاف والمبسوط: الهبة على ثلاثة أقسام، هبة لمن فوقه، وهبة لمن دونه، وهبة لمن هو مثله، وكلها يقتضي الثواب عندنا، ومقتضاه أنه بالهبة يجب على المتهب بذل العوض، ويلزم وإن لم يطلبه الواهب، ولا قائل به سواه، إلا أن أبا الصلاح وافقه في هبة الأدنى للأعلى، فقال: إنها يقتضي الثواب فيعوض عنها بمثلها، ولا يجوز التصرف في الهبة ما لم يعوض عنها، لاقتضاء العرف ذلك.
و رد كل من القولين المذكورين بأن الأصل والعمومات يقتضي خلافه، وربما حمل كلام الشيخ على جواز الرجوع في الهبة ما لم يثب، كما لو شرط فيها فيكون المراد أن لزومها إنما يتحقق به، وإلى هذا يميل كلام العلامة في المختلف في مقام الرد على ابن إدريس انتصارا للشيخ والحق بعده.
وبالجملة فإن الحكم مع الاطلاق كما هو المشهور هو أن الهبة جائزة من جهة الواهب إلا أن يحصل التعويض بما يتفقان عليه، ومع الاختلاف يرجع إلى مثل الموهوب أو قيمته، ولا خلاف في أنه لو شرط الثواب صح، أطلق أو عين، وله الرجوع ما لم يدفع إليه ما شرط، ويدل عليه الخبر السادس (1) فإنه دال على حكم المشروطة بالثواب مطلقا، أو معينا، وأن للواهب الرجوع إذا لم يف المتهب بالشرط، وأنه ليس للمتهب مع الشرط التصرف في الجارية حتى يفي بشرطه، وفيه دلالة على تخير المتهب بين الوفاء بالشرط، لتلزم الهبة، ويجوز له التصرف، وبين رد الهبة كما هو أحد القولين، وهو منقول عن الشهيد في الدروس