القول أقرب، لأنه لا ينكر إقراره الأول، بل يدعي أمرا آخرا يوافق العادة، فيسمع دعواه ويتوجه اليمين على المشتري، لأنه في مقابل الدعوى حينئذ. وقيل: لا تسمع (1) لأنه مكذب لإقراره. وجوابه يظهر مما قلنا. هذا كله إذا كانت الشهادة على إقراره، أما لو شهد الشاهدان على القبض لم يقبل إنكاره، ولا يمين على المشتري.
الثالثة: لا خلاف بين العلماء في ثبوت النسب بالإقرار. والصفات المعتبرة في المقر مطلقا معتبرة هاهنا مع زيادة شروط.
والمقر بنسبة إما ولد وإما غيره، فإن كان ولدا اعتبر فيه امور:
الأول: إمكان البنوة، فلو أقر ببنوة من هو أسن منه أو مساويه أو أصغر منه بقدر لا يمكن تولده منه عادة لم ينفذ، وكذا لو كان بين المقر وبين ام الولد مسافة لا يمكن الوصول في مثل عمر الولد إليها، أو علم عدم وصول المقر إليها.
الثاني: أن لا يكذبه الشرع بأن يكون الولد ثابت اللحاق بغيره، لأن النسب الثابت من شخص لا ينتقل إلى غيره، ولا فرق بين تصديق المستلحق وتكذيبه.
الثالث: أن لا ينازعه في الدعوى من يمكن اللحاق به، فإن الولد حينئذ لا يلحق بأحدهما إلا بالبينة أو القرعة.
واعلم أن الحكم في الأب إذا كان مقرا كذلك، وهل يلحق الام به؟ فيه قولان، نظرا إلى عموم الأدلة الدالة على نفوذ الإقرار بالولد. وأن ذلك إثبات نسب غير معلوم، فيقتصر فيه على موضع اليقين، وهو إقرار الرجل، مع وجود الفارق بينهما، وهو أن للام سبيلا إلى الإثبات غالبا بإثبات الولادة دون الأب.
ولا يشترط تصديق الصغير عند الأصحاب، لا أعرف فيه خلافا. ولا يتوقف نفوذ الإقرار به على بلوغه وتصديقه بلا خلاف أعرفه. ولا أعرف خلافا بينهم في أنه إذا بلغ وأنكر لم يقبل إنكاره. والأكثر على أنه لابد في الكبير من التصديق.
وظاهر كلام الشيخ في النهاية عدم اعتبار التصديق في الولد وإن كان كبيرا (2). وفي