قال الناصب خفضه الله أقول: أجمع أهل الملل والشرائع كلها على وجوب عصمة الأنبياء عن تعمد الكذب فيما دل المعجز القاطع على صدقهم فيه، كدعوى الرسالة وما يبلغونه من الله، وأما سائر الذنوب فأجمعت الأمة على عصمتهم من الكفر، وجوز الشيعة إظهار الكفر تقية عند خوف الهلاك، لأن إظهار الاسلام حينئذ إلقاء للنفس في التهلكة، وذلك باطل قطعا، لأنه يقضي إلى إخفاء الدعوة بالكلية وترك تبليغ الرسالة، إذ أولى الأوقات بالتقية وقت الدعوة للضعف بسبب قلة الموافق وكثرة المخالفين، وأما غير الكفر من الكبائر فمنعه الجمهور من الأشاعرة والمحققين، وأما الصغائر عمدا فجوزه الجمهور إلا الصغائر الخسيسة، كسرقة حبة أو لقمة للزوم المخالفة لمنصب النبوة، هذا مذهبهم، فنسبة تجويز الكبائر على الأنبياء إلى الأشاعرة افتراء محض، وأما ما ذكر من تعظيم أنبياء الله تعالى وأهل بيت النبوة فهو شعار أهل السنة، والتعظيم ليس عداوة الصحابة كما زعمه الشيعة والروافض، بل التعظيم أداء حقوق عظم قدرهم في المتابعة وذكرهم بالتفخيم و اعتقاد قربهم من الله ورسوله، وهذه خصلة اتصف بها أهل السنة والجماعة " إنتهى " أقول: قد مر وسيجئ في مسألة النبوة أن أهل السنة إنما أوجبوا عصمة الأنبياء عن الكبائر بعد البعثة، وأجمعوا على جواز صدورها عنهم قبل البعثة قال ابن همام (2) الحنفي في المسايرة شرط النبوة الذكورة إلى قوله والعصمة
____________________
(1) الأنعام. الآية 90.
(2) قد مرت ترجمته.
(2) قد مرت ترجمته.