أقول: في جميع ما أتى به الناصب الفضول في الفصول الاستفهامية من تقرير مذهب أهل السنة وتقرير مذهب الإمامية تمويهات وإطلاقات وإجمالات، لو كشف عنها وفصل، لحكم كل مؤمن ومشرك بأولوية مذهب الإمامية، أما ما ذكره من تقرير مذهب الأشاعرة في الفصل الأول بقوله:
هو خالق كل الأشياء، فلأن فيه إطلاقا ينصرف الذهن منه من حيث لا يشعر إلى الفرد الكامل أعني ما يستحسنه العقل، فلو قيل لذلك المشرك المتحير المستجير:
إنه خالق لكل الأشياء حتى السرقة والزنا واللواطة والكذب ونحوها من القبائح والفواحش، لا نقبض طبعه من ذلك واستنكره عقله، ولو عدله (1) في جملة أفعال الله تعالى الشرك الذي هو فيه، لتزين ذلك في قلبه وفترت رغبته في تحقيق دين الاسلام، وأيضا فعندهم أن القرآن غير (2) مخلوق وهو شئ، فإن قالوا:
إن هذا مما خصه الدليل، قلنا: وكذلك أفعال العباد خصها الدليل، وكذا الكلام في قوله: لا يجري في ملكه إلا ما يشاء، فإنه لو ذكر له أنه يشاء تلك القبائح والفواحش لفزع (لفرغ خ ل) وارتدع، وكذا القول في قوله:
يحكم بما يريد، فإن إرادة القبائح والحكم بها قبيحة أيضا عند المشرك إن لم يكن معزولا عن العقل كالناصب وأصحابه.
____________________
(1) كما تقتضيه قاعدة الأشاعرة أي كون الأمر والنهي من جملة أفعال الله تعالى. منه " قده " (2) قد سبقت مسألة الاختلاف في مخلوقية القرآن بين أهل السنة وذكرنا هناك الأقوال من أعلام الأشاعرة والمعتزلة والإمامية والزيدية فليراجع.