فلا يقبل عذره غدا في القيامة - إني قلدت شيخي الفلاني، أو وجدت آبائي وأجدادي على هذه المقالة - فإنه لا ينفعه ذلك
يوم القيامة يوم تتبرء المتبعون من أتباعهم ويفرون من أشياعهم، وقد نص الله تعالى (1) على ذلك في كتابه، ولكن أين الآذان السامعة، والقلوب الواعية، وهل يشك العاقل في الصحيح من المقالتين؟ وأن مقالة الإمامية هي أحسن الأقاويل؟ وأنها أشبه بالدين؟ وأن القائلين بها هم الذين قال الله تعالى فيهم: فبشر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب (2) فالإمامية هم الذين قبلوا هداية الله واهتدوا بها، وهم أولوا الألباب، ولينصف العاقل من نفسه أنه لو جاء مشرك و طلب (3) شرح أصول دين المسلمين في العدل والتوحيد رجاء أن يستحسنه ويدخل فيه معهم، هل كان الأولى أن يقال له حتى يرغب في الاسلام ويتزين في قلبه: إنه من ديننا أن جميع أفعال الله حكمة وصواب، وإنا نرضى بقضائه، وأنه منزه عن فعل القبائح والفواحش لا يقع منه، ولا يعاقب الناس على فعل يفعله فيهم، ولا يقدورن على دفعه عنهم، ولا يتمكنون من امتثال أمره، بل خلق فيهم الكفر والشرك ويعاقبهم عليهما، ويخلق فيهم اللون والطول والقصر ويعذبهم عليه، أو يقال: ليس في أفعاله حكمة وصواب، وأنه أمر بالسفه والفاحشة، ولا نرضى بقضاء الله، وأنه يعاقب الناس على ما فعله فيهم، وهل الأولى أن نقول: من ديننا: إن الله لا يكلف الناس ما لا يقدرون عليه ولا يطيقون، أو نقول: إنه يكلف الناس ما لا يطيقون، ويعاقبهم ويلومهم على ترك ما لا يقدرون على فعله؟ وهل الأولى أن نقول: إنه
يكره الفواحش ولا يريدها ولا يحبها ولا يراضها؟ أو نقول: إنه يحب
____________________
(1) كما في قوله تعالى: إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا. في سورة البقرة.
الآية 166.
(2) الزمر. الآية 18.
(3) كما طلب السلطان المؤيد أولجايتو محمد خدابنده الذي صنف المتن لأجله.