جاهل بمعنى السفسطة، ثم ما قال: أن لا حكم عند العقل أجلى من أن اللون الذي شاهدته في الثوب حين فتح العين هو الذي شاهدته قبل طبقها، فنقول: حكم العقل هيهنا مستند إلى حكم الحس ويمكن ورود الغلط للحس، لأنه كان يحسب المثل عين الأول كما ذكرنا في مثال الماء الدافق من الأنبوب، وكثير من الأحكام يكون عند العقل جليا بواسطة غلط الحس، فمن خالف ذلك الحكم كيف يقال إنه مكابر للضرورة، ثم ذكر خمس محالات ترد على مذهبهم، الأول أن الإنسان وغيره يعدم في كل آن ثم يوجد في آن بعده، لأن الإنسان ليس إنسانا باعتبار الجواهر الأفراد، بل لا بد في انسانيته من اللون والشكل، وكل هذه أعراض، ومعلوم أن كل أحد يجد من نفسه أنها باقية لا تتبدل في كل آن، ومخالفة هذا سفسطة والجواب أن الأشخاص في الوجود الخارجي يتمايزون بهوياتها لا بمشخصاتها كما يتبادر إليه الوهم فالهوية الخارجية التي بها الإنسان إنسان باقية في جميع الأزمنة وإن توارد عليه الأمثال من الأعراض، فهذه المشخصات ليست داخلة في ذاته وهويته العينية حتى يلزم من تبدلها تبدل الإنسان، فذات الإنسان وهويته المشخصة له باقية في جميع الأحوال، وتتوارد عليها الأعراض، وأي سفسطة في هذا، والطامات والخرافات التي يريد أن تميل بها خواطر السفهة إلى مذهبه غير ملتفت إليها، الثاني أنه يلزم تكذيب الحس، وقد عرفت جوابه، الثالث أنه لو لم يبق العرض إلا آنا واحدا لم يلزم تأبيد نوعه، فكان السواد إذا عدم لم يجب أن يخلفه سواد آخر إلى آخر الدليل، والجواب أن السواد إذا فاض على الجسم أعد الجسم لأن يفيض عليه سواد مثله، والمفيض للسواد هو الفاعل المختار، لكن جرى عادته بإفاضة المثل بوجود الاستعداد وإن جاز التخلف، ولزوم النوع يدل على وجوب إفاضته المثل، وهذا ينافي قاعدة القوم في إسناد الأشياء إلى اختيار الفاعل القادر، الرابع لو جوز العقل عدم كل عرض في الآن الثاني من وجوده مع
(٢٦١)