وإلا لم يبق وثوق بشئ من القضايا البديهية، وجاز أن ينقلب العالم من إمكان الوجود إلى وجوب الوجود فيستغني عن المؤثر فينسد باب إثبات الصانع تعالى، بل ويجوز انتقال (خ ل انقلاب) واجب الوجود إلى الامتناع وهو ضروري البطلان، و إذا تقرر ذلك فنقول: الأعراض إن كانت ممكنة لذاتها في الآن الأول فتكون كذلك في الآن الثاني، وإلا لزم الانتقال من الامكان الذاتي إلى الامتناع الذاتي وإذا كانت ممكنة في الثاني جاز عليها البقاء، وقد احتجوا بوجهين، الأول: البقاء عرض فلا يقوم بالعرض، الثاني: أن العرض لو بقي لما عدم لأن عدمه لا يستند إلى ذاته وإلا لكان ممتنعا، ولا إلى الفاعل لأن أثر الفاعل الايجاد، ولا إلى طريان الضد، لأن طريان الضد على المحل مشروط بعدم الضد الأول عنه، فلو علل ذلك العدم به دار، ولا إلى انتفاء شرطه لأن شرطه الجوهر لا غير، وهو باق، و الكلام في عدمه كالكلام في عدم العرض، والجواب عن الأول المنع من كون البقاء عرضا زائدا على الذات، سلمنا لكن نمنع امتناع قيام العرض بمثله، فإن السرعة والبطوء عرضان قائمان بالحركة وهي عرض، وعن الثاني أنه لم لا يعدم لذاته في الزمان الثلاث كما يعدم عندكم لذاته في الزمان الثاني، سلمنا لكن جاز أن يكون مشروطا بأعراض لا تبقى، فإذا انقطع وجودها عدم، سلمنا لكن مستند إلى الفاعل، ونمنع انحصار أثره في الايجاد، فإن العدم ممكن لا بد له من سبب، سلمنا لكن يعدم بحصول المانع ونمنع اشتراط طريان الثاني بعدم الضد الأول بل الأمر بالعكس، وبالجملة فالاستدلال على نقيض الضروري باطل كما في شبه السوفسطائية فإنها لا تسمع، لما كانت الاستدلالات في مقابلة الضروريات (خ ل الضرورات) " إنتهى. " قال الناصب خفضه الله أقول: ذهب الأشعري ومن تبعه من الأشاعرة إلى أن العرض لا يبقى
(٢٥٩)