استمراره في الحس لجوز ذلك في الجسم، إذا لحكم ببقاء الجسم إنما هو مستند إلى استمراره في الحس، والجواب أن الأصل بقاء كل موجود مستمرا، فالحكم ببقاء الجسم لأنه على الأصل، وتخلف حكم الأصل في الأعراض لدليل خارجي، فعدم الحكم ببقاء الأعراض لم يكن منافيا للحكم ببقاء الأجسام، وأما ما قال: إن الشك في ذلك عين السفسطة فقد مر جوابه، والخامس أن الحكم بامتناع انقلاب الشئ من الامكان الذاتي إلى الامتناع الذاتي ضروري إلى آخر الدليل، والجواب أن الأعراض كانت ممكنة لذاتها في الآن الأول، وكذلك في الآن الثاني، قوله: وإذا كانت ممكنة في الثاني جاز عليها البقاء، قلنا إمكان الوجود غير إمكان البقاء، وليس على هذا التقدير شئ من الانقلاب الذي ذكره، وهذا استدلال في غاية الضعف كما هو ديدنه (1) في الاستدلالات المزخرفة. ثم ما ذكر من الدليلين الذين احتج بهما
الأشاعرة فأول الدليلين قد ذكرنا وما أورد عليه من
منع امتناع قيام العرض بالعرض ومنع كون البقاء زائدا وثبوتهما مذهب للشيخ الأشعري و قد استدل عليهما في محله فليراجع، وثاني الدليلين مدخول بما ذكره وبغيره من الأشياء، وقد ذكره علماء السنة
والأشاعرة منهم صاحب المواقف وغيره، فاعتراضاته على ذلك الدليل الثاني منقولة من كتب أصحابنا " إنتهى. " أقول: فيه نظر أما أولا فلأن ما ذكره في وجه ذهاب
الأشاعرة إلى عدم بقاء الأعراض لا يسمن ولا يغني من جوع، إذا لا تقتضي صحة تلك المقدمة التي اضطروا إلى استعمالها لدفع ذلك الاشكال لجواز أن تكون فاسدة في نفسها كمقدمة الطفرة التي التزمها النظام لدفع الاشكال المشهور الوارد عليه في تحقيق حقيقة الجسم مع ظهور بطلانها، وأيضا لم تم إنما يقتضي القول بعدم بقاء الأعراض
____________________
(1) الديدن: بفتح الدال المهملة بمعنى الطريقة.