وأما ما ذكره من التمثيل لغلط الحس في ماء الفوارة، فالغلط فيه ظاهر، لظهور سبب الغلط فيه، وعدم اشتراك جماعة من العقلاء في إثباته، بخلاف ما نحن فيه من الجسم وأعراضه، فإن السبب الذي ذكروه في غلط الحس عند توارد الأمثال كما في ماء الفوارة، هو أن الحس وإن تعلق بكل واحد منها من حيث خصوصه، لكن الخيال لم يستثبت ما به يمتاز كل منها عن غيره، فيخيل الرائي أن هناك أمرا واحدا مستمرا، ثم العقل الخالص عن مزاحمة الوهم والخيال يجد في ماء الفوارة اتصال المدد (2) ويحكم على غلط الحس بأدنى توجه والتفات، وليس فيما ذهب إليه النظام والأشاعرة من تقضي الأجسام والأعراض وتجددها وصول مدد و اتصاله حتى يتأتى للعقل تجويز الحكم بغلط الحس في الحكم بالبقاء، وكان النظام والأشاعرة وقعوا في ذلك مما قرره الصوفية
____________________
(1) هو المحقق الشريف الجرجاني في شرحه على المواقف.
(2) المدد: بضم الميم جمع مدة، أو بفتح الميم كحجر.
(2) المدد: بضم الميم جمع مدة، أو بفتح الميم كحجر.