خلافا للفاضلين (1) وجماعة ممن تأخر عنهما، فاستوجهوا الاكتفاء بما يتيقن اشتغال الذمة وطرح المشكوك فيه، عملا بأصالة البراءة، وبأن الزيادة كالأصل، وكما تسقط الزكاة مع الشك في بلوغ الصافي النصاب فكذا تسقط مع الشك في بلوغ الزيادة نصابا آخر. وفي الدليلين نظر.
أما الأول: فلعدم جريانه إلا فيما لم يثبت فيه تكليف أصلا، أما ما يثبت فيه ولو مجملا فلا، بل لا بد فيه من تحصيل البراءة اليقينية، عملا بالاستصحاب.
وبه يظهر ضعف الثاني، وأنه قياس مع الفارق، وهو تيقن التكليف ولو بالمجمل في المصنوع (2)، وعدمه مطلقا في الأصل.
مع أنه يمكن المناقشة في حكمه بعدم دليل عليه غير ما يقال: من أن بلوغ النصاب شرط ولم يعلم حصوله (3) فأصالة البراءة لم يعارضها شئ.
وفيه: أن مقتضى الأدلة وجوب الزكاة في النصاب، وهو اسم لما كان نصابا في نفس الأمر، من غير مدخلية للعلم به في مفهومه.
وحينئذ فيجب تحصيل العلم والتفحص عن ثبوته وعدمه في نفس الأمر، ولو من باب المقدمة، لكن ظاهر كلمة من وقفت عليه من الأصحاب الاطباق على عدم الوجوب هنا، فإن تم إجماعا، وإلا فالأحوط الاستعلام، أو إخراج ما تيقن معه بعدم اشتغال الذمة، كما صرح به بعض متأخر المتأخرين (4).