سببه، لفقد شرط، وهو هنا كذلك، لأن شرط العتق وفاة الموصي، لأنه جعله وصية، والوصية إنما تقع بعد الوفاة، فإذا تخلف المسبب وهو العتق عن سببه إلى ما بعد الوفاة، لزم معه تخلف مسببه، وهو السراية كذلك وتم المطلوب، حيث لم يصادف المال، ثم رد الرواية بأنها لا تصلح لتأسيس الحكم بذاتها لضعف سندها بأحمد بن زياد المذكور، فإنه واقفي غير ثقة، انتهى.
أقول: يمكن أن يقال إن محل البحث وموضوع المسألة من أوصى بعتق مماليكه بمعنى أنهم يعتقون بعد موته، أو ينعتقون، وفهم هذا المعنى من لفظ الرواية غير ظاهر، فإن ظاهرها أنه كتب في وصيته أو قال: بلسانه في ذلك مماليكي أحرار، وظاهر هذه العبارة محتمل للانشاء، فيكون ذلك عتقا لهم في ذلك الوقت، ومحتمل للأخبار عن عتق سابق، وعلى كل من الأمرين، فالعتق قد وقع حال الحياة، فيترتب عليه ما ذكره في الرواية من السراية إن كان في ثلثه ما بقي بذلك، وأما أن المراد بها الوصية بأن يعتق مماليكه بعد موته، فهو في غاية البعد عن حاق لفظها، فإن قيل: إن ذلك مفهوم من قوله فيوصي في وصيته، والوصية بالعتق يقتضي الانعتاق بعد الموت لا قبله، قلنا يمكن ارتكاب التجوز في هذا اللفظ، بمعنى أنه يقول: ويذكر هذا القول في تلك الحال، وباب التجوز في الكلام واسع، وارتكاب ما قلناه أولى وأقرب مما ذهب إليه القائلون بالقول الأول من التقديم على الموصي، مع أنه لا مال له بعد الموت، كما أورده عليه، وأولى منه ما ذهب إليه من رد الخبر واطراحه بالكلية، مع عدم وجود ما يضاده من الأخبار، والعمل بالخبر مهما أمكن أولى من طرحه، وعلى ما ذكرناه فالخبر لا يكون من محل الاستدلال في شئ، فيبقى القول خاليا من الدليل، ويكون العمل على القول الثاني، بناء على القاعدة المذكورة، وهي أنه لا يقوم عليه إلا مع وجود المال له، ولا مال في تلك الحال.
وبالجملة فإن الظاهر بهذا الفهم القاصر، والذهن الخاسر إن حمل الخبر