غيره من التبرعات، وإن وقع متأخرا " بما رواه المشايخ الثلاثة (قدس الله أرواحهم) عن محمد بن مسلم (1) في الموثق " عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن رجل حضره الموت فأعتق غلامه، وأوصى بوصية وكان أكثر من الثلث، قال: يمضي عتق الغلام، ويكون النقصان فيما بقي " وأجيب عن ذلك بأنه محمول على تقديم العتق كما هو ظاهر الترتيب الذكري في الخبر، فالتحقيق عندي في الجواب أن العتق هنا من المنجزات، لأنه وقع حال الحياة، والمنجزات مقدمة على الوصايا.
نعم الخلاف فيها مشهور بأن مخرجها من الأصل أو الثلث، وظاهر هذا الخبر لا يخلو من اشتباه في ذلك أيضا، والتحقيق هنا أن الأخبار في هذه المسألة أعني مسألة المنجزات بالنسبة إلى العتق وأن مخرجه من الأصل أو الثلث لا يخلو من اشتباه وتعارض، كما أشار إليه أيضا " المحدث الكاشاني في الوافي، وأما غير العتق من المنجزات فالحكم فيه كما اخترناه من الخروج من الأصل من غير اشكال.
المسألة الخامسة: لو أوصى لزيد بثلث من التركة، ولعمرو بربع منها، ولثالث بخمس منها صحت الوصية في الأول خاصة، لاستيعابها الثلث، النافذ بدون الإجازة، ورعاية لما تقدم من الأول مع تجاوز الثلث، وبطلت فيما عداه، وقيل: أن الوصية المتأخرة تقتضي الرجوع عما قبلها، قال: الشيخ في الخلاف إذا أوصى لإنسان بثلث ماله، ثم أوصى بثلث ماله لغيره ولم تجز الورثة، فإن الوصية الثانية رافعة للأولى وناسخة لها، واستدل باجماع الفرقة والأخبار.
وقال ابن إدريس: إذا أوصى بثلث ماله لشخص، ثم أوصى بثلث ماله لغير ذلك الشخص، كان الثلث للأخير، وتكون الوصية الثانية ناسخة للأولى، لأن الانسان لا يستحق من ماله بعد وفاته إلا ثلث ماله، فإذا أوصى به لإنسان، ثم أوصى به بعد ذلك لآخر، فقد نقل الثلث الذي يستحقه من الأموال إلى الثاني، لأنه يعلم أنه لا يستحق سوى الثلث، فإذا أوصى به ثم وصى به، فقد رجع عن الأول،