وقال شيخنا الشهيد الثاني في الروض: وكذا يكره المحاريب الداخلة في الحائط كثيرا أو في المسجد، أما الأول فذكره جماعة من الأصحاب (رضوان الله عليهم). منهم - المصنف، وأما الثاني فهو الظاهر من الرواية الدالة على الكراهة، ثم ذكر مضمون رواية طلحة. وفيه أنه متى كان ظاهر الرواية إنما هو المعنى الثاني فاللازم خلو الأول من المستند إذ ليس إلا هذه الرواية فكيف قال بالكراهة على كلا المعنيين؟ إلا بأن يكون مجرد المتابعة لما ورد نقله عن الجماعة المذكورين كما هو ظاهر كلامه، وفيه ما لا يخفى.
قال شيخنا المجلسي (قدس سره) في البحار: حكم الأصحاب بكراهة المحاريب الداخلة وهي قسمان (الأول) الداخلة في المسجد بأن يبنى جداران في قبلة المسجد ويسقف ليدخله الإمام وكان خلفاء الجور يفعلون ذلك خوفا من أعاديهم. و (الثاني) الداخلة في البناء بأن يبنى في أصل حائط المسجد موضع يدخله الإمام، والكسر الوارد في الخبر بالأول أنسب وإن احتمل الثاني أيضا بهدم الجدار والأكثر اقتصروا على الثاني مع أن الأول أولى بالمنع، والشهيد الثاني (قدس سره) عمم الحكم بالنسبة إليهما وقيد الدخول في الحائط بكونه كثيرا، وبعض المتأخرين قصروا الحكم بالكراهة على الأول ولعله أوجه وإن كان الأحوط تركهما. انتهى.
أقول: المفهوم من تتبع السير والأخبار وكلام جملة العلماء ولا سيما علمائنا الأبرار هو استحباب المحاريب في المساجد واستحباب صلاة الإمام فيه لا كراهته، ومما يشير إلى ذلك ما ذكروه في بحث القبلة من التعويل على محاريب المساجد وأن محراب المعصوم (عليه السلام) موجب للعلم بالقبلة دون الظن، وقد تقدم في بحث القبلة بالنسبة إلى محراب مسجد النبي (صلى الله عليه وآله) كلام شيخنا الشهيد أنه روى " أنه لما أراد نصبه زويت له الأرض فجعله بإزاء الميزاب " (1).
ويعضد ذلك ما رواه الشيخ في الصحيح عن منصور بن حازم (2) قال: