وزعمت بعض العامة أن المدعيين إذا أقام كل واحد منهما شاهدي عدل على شئ واحد أنه له دون غيره حكم بينهما نصفين يقال لهم: أكتاب الله حكم بذلك أم بسنة رسول الله أم بإجماع؟ فإن ادعوا الكتاب فالكتاب ناطق بالرد عليهم، وإن ادعوا السنة فالسنة في القرعة مشهورة بالرد عليهم، وإن ادعوا الإجماع كفوا الخصم مؤونتهم. يقال لهم: أليس إذا أقام كل واحد منهما شاهدي عدل في دار أنها له فشهود كل واحد منهما يكون شهود الآخر، والعلم محيط بأن إحدى الشهداء كاذبة والأخرى صادقة، فإذا حكمنا بالدار بينهما نصفين فقد أكذبنا شهودهما جميعا، لأن كل واحد منهما تشهد شهوده بالدار كلها دون الآخر، فإذا كانت أحد (1) الشهود كاذبة والأخرى صادقة فيجب أن يسقط أحدهما، لأنه لا سبيل إلى الحكم فيما شهدوا، إلا بإلقاء أحدهما ولم يوجد إلى إلقاء واحد منهما سبيلا إلا بالقرعة.
وقال ابن الجنيد: ولو تداعى رجلان عينا موجودة وكانت في يد أحدهما وأقام كل واحد من المتداعيين البينة على ما ادعاه منهما ولم يكن في شهادة إحدى البينتين ما يدل على وجوب الحكم بها دون صاحبه بل كانتا متساويتين (2) متدافعتين وأعداد البينتين متساويتين عرض عليهما جميعا أن يحلفا على صدق ما شهدت به لهما بينتاهما ووجوب العين للحالف دون خصمه، فإن حلفا جميعا أو أبيا أو حلف الذي هي في يده دون الآخر كان محكوما للذي هي في يده بها، فإن حلف الذي ليست في يده وأبى الذي هي في يده أن يحلف حكم بها للحالف. ولو اختلفت أعداد الشهود وكان الذي في يده أكثر شهودا كان أولى باليمين إن بذلها، فإن حلف حكم له بها. ولو كان الأكثر شهودا