والحق ما ذهب إليه السيد المرتضى والشيخ في الخلاف، لما تقدم، ولأن العلم أقوى دلالة من الظن، وإذا جاز الحكم مع الظن جاز مع العلم على طريق الأولى.
احتج ابن الجنيد بأن في الحكم بعلمه تزكية نفسه، ولأنه إذا حكم بعلمه فقد عرض نفسه للتهمة وسوء الظن به.
والجواب: التزكية حاصلة للحاكم بتولية الحكم له، وليس ذلك بتابع لإمضاء الحكم في ما علمه، والتهمة حاصلة في الحكم بالبينة والإقرار مع عدم الالتفات إليها.
قال السيد المرتضى ووجدت لابن الجنيد كلاما في هذه المسألة غير محصل لأنه لم يكن في (1) هذا [دلالة] ولا إليه، ورأيته يفرق بين علم النبي - صلى الله عليه وآله - بالشئ وبين علم خلفائه وحكامه، وهذا غلط منه، لأن علم العالمين بالمعلومات لا يختلف، فعلم كل واحد معلوم بعينه كعلم كل عالم به، وكما أن الإمام أو النبي إذا شاهدا رجلا يزني أو يسرق فهما عالمان بذلك علما صحيحا، وكذلك من علم مثل ما علماه من خلفائهما. قال: ووجدته يستدل على بطلان الحكم بالعلم بأن يقول: وجدت الله تعالى قد أوجب للمؤمنين فيما بينهم حقوقا أبطلها فيما بينهم وبين الكفار والمرتدين كالمواريث والمناكحة وأكل الذبائح، ووجدنا الله تعالى أطلع رسوله - صلى الله عليه وآله - على من كان يبطن الكفر ويظهر الإسلام، وكان يعلمه ولم يبين - عليه السلام - أحوالهم لجميع المؤمنين فيمتنعوا من مناكحتهم وأكل ذبائحهم، وهذا غير معتمد، لأنا أولا، لا نسلم له أن الله تعالى قد أطلع نبيه - صلى الله عليه وآله - على معائب المنافقين وكل من كان يظهر الإيمان ويبطن الكفر من أمته.