وأما ما ذكره من أنه لا قبيح في فعله فهو كذب، لأن قولهم هذا مبني على ما قالوه: من أن صدور القبائح الواقعة في العالم منه ليس بقبيح، ولو علم المشرك المستجير أنهم نفوا القبيح بهذا المعنى لاستقبح رأيهم ولامهم في ذلك.
وأما قوله: ولا يجب عليه شئ، فكان يجب عليه أن يذكر أن الوجوب المنفي بمعنى إيجاب غيره شيئا عليه وأن ما ضمنه، من الإشارة إلى أن الإمامية يوجبون على الله تعالى شيئا هو بمعنى إيجاب الله تعالى على نفسه شيئا بمقتضى حكمته بإيصال ما وعده من الثواب إلى عباده، كما دل عليه قوله تعالى: كتب على نفسه الرحمة (1) فإنه لو سمع المشرك هذا التفصيل فلا ريب أنه يرجح مذهب الإمامية، إذ على هذا يحصل له الوثوق على نيل ما وعده ربه من الثواب لا على مذهب من ينفي الايجاب، ويقول: جاز أن يدخل المطيع في النار والعاصي في جنات تجري من تحتها الأنهار (2).
وأما ما ذكره من أن كل ما يفعل في العباد من إعطاء الثواب وإجراء العقاب فهو تصرف في ملكه، فلا وجه لذكره في متفردات أهل السنة، إذ لا خلاف للإمامية في ذلك (3)، ولعله لما لم يجد الناصب من مذهب أصحابه شيئا معقولا يرغب به (فيه ظ) العاقل ويوجب استمالة المشرك المستجير التجأ إلى ذكر ما شارك فيه سائر المذاهب:
وأما قوله: ولا يتصور منه ظلم، ففيه أنه كاذب في ذلك، فإن الأشاعرة
____________________
(1) الأنعام. الآية 12.
(2) اقتباس من قوله تعالى في سورة البقرة. الآية 25.
(3) إذ هي مما دلت عليه الأدلة العقلية والشواهد السمعية بحيث ألحقتها بالأمور البديهية.
(2) اقتباس من قوله تعالى في سورة البقرة. الآية 25.
(3) إذ هي مما دلت عليه الأدلة العقلية والشواهد السمعية بحيث ألحقتها بالأمور البديهية.