أنفسهم لا يستلزم معصية، حيث أن نفعهم من حيث الحاجة، وأنهم عباد الله، ومن جملة بني آدم، وممن يجوز أن يتولد منهم المسلمون، ولا معصية فيه، وما ربما يترتب عليه من الإعانة على شرب الخمر، وسائر المحرمات التي يستحلونها فهي غير مقصودة للواقف ولو فرض قصدها حكمنا ببطلان الوقف، وكذا لو وقف عليهم لكونهم كفارا " بل على فسقة المسلمين، كما سيأتي الكلام فيه انشاء الله تعالى.
وبالجملة فالمدار في البطلان والصحة على الغاية المترتبة على الوقف، ولما كانت الغاية المترتبة عليه بالنظر إلى ما قلنا صحيحة سائغة، صح الوقف، وهذا بخلاف الوقف على البيع والكنائس، حيث أنه وإن كان وقفا " على جهة خاصة من مصالح أهل الذمة، إلا أنه معصية محضة، لما يتضمن من الإعانة لهم على الاجتماع لتلك العبادات المحرمة، ورسوخهم في الكفر، فالغرض والغاية من الوقف هنا ليس على حسب باقي الغايات المترتبة على الوقف عليهم أنفسهم، فلذا صح الوقف هناك، وبطل هنا.
وأما الثاني فالوجه فيهن ظاهر، لأنه متى كان الغرض المترتب على الوقف والغاية المقصودة منه إنما هو معونة هؤلاء من هذه الحيثيات المذكورة التي لا ريب في تحريمها، وأنها معينة، فلا ريب أن الوقف معصية، فإن الإعانة على المعصية معصية.
وأما لو وقف على من هو متصف بذلك من المسلمين، لكنه لا من هذه الحيثية فلا اشكال في صحته، سواء أطلق أم قصد جهة محللة.
وأما الثالث فعلله الأصحاب بأن الكتابين المذكورين محرفان عما كانا عليه أولا، ومع ذلك فهما منسوخان، ولهذا حكموا بعدم جواز حفظهما، كما تقدم في مقدمات كتاب التجارة من عدم جواز حفظ كتب الظلال.
نعم جوزوا الحفظ للنقض والحجة بها، وقد نقل الأصحاب في هذا المقام