والحق ما اختاره الشيخ.
لنا: إن العتق قابل للتأخير كما هو قابل للتنجيز، ومعلوم أنه لا تفاوت بين الأشخاص في ذلك، فإن العتق إذا قبل التعليق بحياة المعتق الصادر عنه كان قابلا لذلك التعليق أيضا إذا صدر عن غيره، وعدم التفاوت في ذلك معلوم قطعا.
وما رواه الشيخ في الصحيح عن يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد الله - عليه السلام - عن الرجل يكون له الخادم فقال: هي لفلان تخدمه ما عاش، فإذا مات فهي حرة وتأبق الأمة قبل أن يموت الرجل بخمس سنين أو ست سنين ثم يجدها ورثته لهم أن يستخدموها بعد ما أبقت؟ فقال: لا إذا مات الرجل فقد عتقت (1).
وقول ابن إدريس: (التدبير في عرف الشرع عتق العبد بعد موت مولاه) ممنوع، بل هو العتق المؤخر، وهو شامل للصورتين، واستدلاله بالملازمة بين صحته وبطلانه على تقدير الإباق ممنوع، والقياس على جعل الخدمة للمدبر باطل، لأنا لا نقول نحن وإياه بالقياس، فلا يجوز التمسك به.
سلمنا، لكن الفارق موجود، فإن الخدمة إذا جعلت للمدبر ثم أبق فقد قابل النعمة بالكفر والإباق فقوبل بنقيض ذلك كالقاتل في العمد في منع التوريث، بخلاف ما إذا جعلت الخدمة للغير.
وهذه الرواية دليل شرعي، مع أنها صحيحة السند متلقاة بالقبول عمل بها الأكثر من علمائنا، ولم نر لها مخالفها سواه، واعتضادها بالحكمة المناط بها الأحكام الشرعية فلا وجه لردها.