من غير مشورة. وعندنا أن جميع الحوادث هذا حكمها فلا يخرج عنها شئ، فإن شذت (1) كانت مبناه (2) على الأصل. وعندهم إن كانت مسألة اجتهاد استحب له أن يشاور فيها، لقوله تعالى: (وشاورهم في الأمر) ولم (3) يرد تعالى المشاورة في أحكام الدين وما يتعلق بالشريعة، وإنما أراد فيما يتعلق بتدبير الحرب ونحوه بلا خلاف، وكان رسول الله - صلى الله عليه وآله - غنيا عن مشاورتهم، ولكن أراد أن يستن به الحاكم بعده، وقال تعالى: (وأمرهم شورى بينهم) وشاور النبي - صلى الله عليه وآله - أصحابه في قصة أهل بدر وأساراه، وشاور أهل المدينة يوم الخندق وعليه الإجماع عندهم، وقد قلنا ما عندنا وعندهم إذا شاور فينبغي أن يشاور الموافق والمخالف من أهل العلم، ولا يشاور إلا ثقة عالما (4) بالكتاب والسنة وأقاويل الناس ولسان العرب والقياس، فإذا شاورهم واجتهد (5) فيها وغلب على ظنه الحكم فذاك (6) فرضه، ولا يرجع فيه إلى قول غيره وإن كان غيره أعلم منه حتى يعلم كعلمه، لأنه لا يصح أن يلي الحاكم حتى يكون ثقة من أهل الاجتهاد، فإن لم يكن كذلك لم يكن حاكما ولم ينفذ له حكم، وكل ما حكم به باطل، وكذلك لا يجوز أن يقلد ويفتي، وقد قلنا: إن عندنا أنه لا يتولى الحكم إلا من كان عالما بما وليه، ولا يجوز أن يقلد غيره ولا يستفتيه فيحكم به، فإن اشتبه عليه بعض الأحكام ذاكر أهل العلم
(٤١٣)