وقال في المبسوط: لو نذر المشي إلى بيت الله الحرام انعقد نذره، وعليه أن يأتيه ماشيا كما نذر، لأن المشي عبادة وقربة، لما روي أن النبي - صلى الله عليه وآله - ما ركب في عيد ولا جنازة قط طلبا للفضل، فإن مشى فلا كلام، وإن ركب فإن كان مع القدرة على المشي فقد أساء، وروى أصحابنا أنه يعيد الحج ويركب ما مشى ويمشي ما ركب، وقال بعضهم: عليه دم. وإن مشى مع العجز كان له ذلك وعليه دم عندنا متى ركب، وقال بعضهم: لا شئ عليه (1).
وقال ابن الجنيد: ولو جعل النذر لله أن يحج ماشيا مشى من حيث نذر إلى أن يطوف طواف الفريضة الأخير، ولو زار راكبا مشى إذا نفر، ولو بلغ جهده من المشي فركب أو كان نذره حافيا فتعب لم يكن عليه شئ، وقد أمر النبي - عليه السلام - رجلا نذر أن يمشي في حج أن يركب وقال: الله عز وجل غني عن تعذيب هذا نفسه، ولم يأمره بكفارة.
وقال ابن إدريس: ومن نذر أن يحج ماشيا أو يزور أحد المشاهد كذلك فعجز عن المشي فليركب ولا كفارة عليه ولا سياق بدنة، هذا رأي شيخنا المفيد - رحمه الله - وهو الصحيح. وقال شيخنا أبو جعفر: فليسق بدنة، ومتى ركب من غير عجز كان عليه إعادة الحج والزيارة، يمشي في الدفعة الثانية ما ركب من الطريق الأولة (2) ويركب منها ما مشى، هكذا رواه أصحابنا من طريق الأخبار. قال: والذي ينبغي تحصيله في هذه الفتيا إن النذر المذكور للحج إذا كان في سنة معينة ونذر أن يحج فيها بشرط أن يقدر على الحج ماشيا ولم يقدر أن يمشي مارا تلك السنة فلا يجب عليه المضي ولا القضاء في السنة الثانية إذا قدر على المشي فيها، لأن إيجاب ذلك في السنة الثانية يحتاج إلى