بنيت داري سواء جل قدر الحالف أو قل إذا لم يجر في العرف من جليل أو حقير أن يباشر هذه الأفعال في نفسه فصار العرف صارفا عن حقيقة اللفظ إلى مجازه فيصير اعتبار المجاز حيث اقترن بالعرف أولى من اعتبار الحقيقة إذا فارق (1) العرف، وإن كان العرف جاريا في فعله بالمباشرة دون الأمر من جميع الناس كقوله: لا قرأت ولا كتبت ولا حججت ولا اعتمرت لم يحنث بالأمر، سواء جل قدر الحالف أو قل، لأن العرف جار بمباشرة ذلك من كل جليل وحقير فصار العرف مقترنا بالحقيقة فيتعين الحمل عليها دون المجاز، وإن كان العرف مختلفا في مباشرة فعله فيفعله مباشرة الحقير دون الجليل فإن اقترن بعرف الاستعمال في الاختلاف بينهما عرف الشرع - كإقامة الحدود التي لا يقيمها في الشرع والعرف إلا الولاة والحكام - فيحنث الآمر بها إذا كان من الولاة، وإن لم يباشرها كما قيل: جلد رسول الله - صلى الله عليه وآله - زانيا ورجم ماعزا وقطع سارقا ولا يحنث بها غير الولاة إلا بالمباشرة، لأنه غير نافذ الأمر فيها، وإن انفرد الاختلاف بينهما بعرف الاستعمال دون عرف الشرع فيباشره الأدنى دون الأعلى تنزها وترفعا - كعقود البيع وتأديب العبيد والخدم - فإن كان عرف الحالف جاريا بمباشرته كرجل من عوام السوقة حلف لا باع ولا اشترى ولا ضرب عبدا حنث بالمباشرة دون الأمر، لأن الأيمان تحمل على حقائق الأسماء والأفعال ما لم (2) ينقلها عرف، والحقيقة في هذه الأفعال مباشرتها والعرف مقترن بها، وإن كان عرفه جاريا بالاستنابة فيه دون مباشرته - كالسلطان إذا حلف لا باع ولا اشترى ولا ضرب عبدا - فالأقرب الحنث اعتبارا بالعرف، والعرف هنا قد اقترن بالمجاز فيحمل عليه، ويحتمل عدمه، عملا بالحمل على الحقيقة، وهي إنما تتناول المباشرة لها دون الأمر بها، والحقيقة إنما تنتقل بعرف
(١٥٧)