أسقامه وشدائده وآلامه، ولا ريب أن ذلك كله من قضاء الله تعالى الذي يجب على العباد الرضا به
والصبر عليه، وهو ما يفعله الله تعالى بعبده لحكمته البالغة التي تقتضيه وعلمه المحيط بما يكون من المصالح لعبده فيه، ولا دخل للمعاصي في القضاء، لأنه سبحانه لا يقضي على العبد بالمعصية، لأنها من
الباطل الذي يعاقب عليه، وقد قال عز من قائل والله يقضي بالحق (1) وأما الخبر الثاني الذي يدل على إيجاب الايمان بالقضاء والقدر خيره وشره، فالخير من
القضاء والقدر هو ما مالت إليه الطباع والتذت به الحواس، والشر ضد ذلك، ويسمى شرا لما على النفس في تحمله من الشدة والمشقة كما أشرنا إليه سابقا، وهذا الذي أجمع المسلمون بأن الرضا به واجب، ولا يخفى أنه لو كان
الظلم والفسق والكفر من قضاء الله تعالى وقدره لوجب الرضا به وتحتم ترك إنكاره، لكن لما رأينا العقلاء ينكرونه ولا يرضونه ويعيبون من رضي به ويذمونه، علمنا أنه ليس من قضائه وقدره، ومما يؤيد هذه المعاني ويؤسس
____________________
(1) غافر. الآية 20