قال الناصب خفضه الله أقول: قد سبق أن الأشاعرة ذهبوا إلى أن أفعال الله تعالى ليست معللة بالأغراض، وقالوا: لا يجوز تعليل أفعاله تعالى بشئ من الأغراض والعلل الغائية، ووافقهم على ذلك جهابذة (3) الحكماء وطوائف الإلهيين، وذهبت المعتزلة ومن تابعهم من الإمامية إلى وجوب تعليلها، ومن دلائل الأشاعرة أنه لو كن فعله تعالى لغرض من تحصيل مصلحة أو دفع مفسدة لكان هو ناقصا لذاته مستكملا بتحصيل ذلك الغرض لأنه لا يصلح غرضا للفاعل إلا ما هو أصلح له من عدمه، وذلك لأن ما استوى وجوده وعدمه بالنظر إلى الفاعل وكان وجوده مرجوحا بالقياس إليه لا يكون باعثا له على الفعل وسببا لإقدامه عليه بالضرورة، فكل ما كان غرضا وجب أن يكون وجوده أصلح للفاعل وأليق به من عدمه وهو معنى الكمال، فإذا يكون الفاعل مستكملا بوجوده ناقصا بدونه هذا هو الدليل، وذكر هو الرجل أنه يلزم من هذا المذهب محالات، منها أن يكون الله تعالى لاعبا عابثا، والجواب التحقيقي أن العبث ما كان خاليا عن الفوائد والمنافع وأفعاله
____________________
(1) الأنبياء. الآية 16.
(2) آل عمران. الآية 191.
(3) الجهابذة جمع الجهبذ: الناقد العارف بتمييز الجيد من الردئ.
(2) آل عمران. الآية 191.
(3) الجهابذة جمع الجهبذ: الناقد العارف بتمييز الجيد من الردئ.