شيخه الأشعري مع تشنيعهم دائما على الإمامية والمعتزلة بتوهم موافقتهم إياهم في بعض المطالب والدلائل وفيه نظر، إذ لا يلزم من قوله: لو كان فعله تعالى لغرض، أن يكون مستكملا بتحصيل ذلك الغرض. بل اللازم كونه مكملا لوجود ذلك الفعل، لأن الاستكمال عبارة عن الحصول بالفعل لما له ذلك الحصول، ولا حصول هيهنا متجدد إلا لوجود ذلك الفعل لا للفاعل بل هو مستجمع لجميع كمالاته من الأزل إلى الأبد ولأسباب الكمالات لغيره التي هي صفات واعتبارات لذاته من جملتها التكميل والايجاد الحاصل له دائما من غير تجدد، بل المتجدد له هو تعلقه بأفراد المكلفين، وأيضا إنما يلزم الاستكمال أن لو كان الغرض عائدا إليه تعالى و نحن لا نقول بذلك، بل الغرض إما عائد إلى مصلحة العبد أو إلى اقتضاء نظام الوجود بمعنى أن نظام الوجود لا يتم إلا بذلك الغرض فيكون الغرض عائدا إلى النظام لا إليه، وعلى كل من الأمرين لا يلزم الاستكمال.
فإن قيل: أولوية عود الغرض إلى الغير يفيد استكماله بالغير، ومساواته بالنسبة إلى تعالى تنافي الغرضية، على أن تخلية الكفار في النار وإماتة الأنبياء وإبقاء إبليس أفعال لا مصلحة فيها أصلا، قلت: لا نسلم أنه لو استوى حصول الغرض وعدم حصوله بالنسبة إليه تعالى لم يصلح لأن يكون غرضا داعيا إلى فعله، وإنما يلزم لو لم يكن الفعل أولى من الترك بوجه من الوجوه، وهيهنا ليس كذلك فإنه بالنسبة إلى العبد أولى، ولو سلم فنقول: الغرض كالاحسان مثلا أولى و