إلى مقالة تؤدي إلى التعوذ من أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين، وتخليص إبليس من اللعن والبعد والطرد؟ نعوذ بالله من اعتقاد المبطلين والدخول في زمرة الضالين ولنقتصر في هذا المختصر على هذا القدر " إنتهى ".
قال الناصب خفضه الله أقول: قد عرفت فيما سبق مذهب الأشاعرة في عدم صدور القبيح من الله تعالى، وأن إجماع المليين منعقد على أنه تعالى لا يفعل القبيح، فكل ما أقامه من الدلائل قد ذكرنا أنه إقامة الدليل في غير محل النزاع، فإن المدعى شئ واحد وهم يسندونه بالقبح العقلي (إلى القبح العقلي ظ)، والأشاعرة يسندونه إلى أنه لا قبيح منه ولا واجب عليه. ثم إن المعتزلة لو أرادوا من نسبة فعل القبيح إليه تعالى أنه يخلق القبائح من أفعال العباد على رأي الأشاعرة فهذا شئ يلزمهم، لأن القبائح من الأشياء كما تكون في الأعراض كالأفعال تكون في الجواهر و الذوات، فالخنزير قبيح والعقرب والحية والحشرات قبائح وهم متفقون أن الله تعالى يخلقهم، فكل ما يلزم الأشاعرة يلزمهم في خلق القبايح الجوهرية.
وإن أرادوا أنه يفعل القبائح فإن هذا شئ لم يلزم من كلامهم ولا هو معتقدهم كما صرحنا به مرارا. " إنتهى ".
أقول:
قد بينا آنفا أن قول الأشاعرة: بعدم صدور القبيح من الأسماء التي لا مسمى لها والخيالات التي ليس لها حقيقة، فهم ليسوا داخلين في إجماع المليين في الحقيقة، وأما ما ذكره من أنهم لو أرادوا من نسبة فعل القبيح إليه تعالى أنه يخلق القبائح من أفعال العباد على رأي الأشاعرة فهذا شئ يلزمهم " الخ ".
ففيه اشتباه ظاهر وحاشا أن يلزم أهل العدل مثل ذلك، لأن مرادهم بالشرور