احتج سبحانه على قبح الشرك بما تعرفه العقول من الفرق بين حال مملوك تملكه أرباب متعاسرون سيئوا الملك، وحال عبد يملكه سيد واحد قد سلم كله له، فهل يصح في العقول استواء حال العبدين؟ وكذلك حال المشرك والموحد الذي قد سلمت عبوديته للواحد الحق، لا يستويان. وكذلك قوله تعالى: ممثلا لقبح
الرياء المبطل للعمل والمن والأذى
المبطل للصدقات بصفوان (1) وهو الحجر الأملس عليه تراب غبار قد لصق به فأصابه مطر شديد، فأزال ما عليه من التراب وتركه صلدا أملس لا شئ عليه، وهذا المثل في غاية المطابقة لمن فهمه، فالصفوان وهو الحجر كقلب المرائي والمنان والمؤذي والتراب الذي لصق به ما تعلق به من أثر عمله وصدقته، والوابل المطر الذي به حياة الأرض فإذا صادف أرضا قابلة نبت فيها الكلأ، فإذا صادف الصخور والحجارة الصم لم ينبت فيها شئ (2) فجاء هذا الوابل إلى التراب الذي على الحجر فصادفه رقيقا فأزاله فأفضى إلى حجر غير قابل للنبات، وهذا يدل على أن قبح المن والأذى والرياء مستقر في العقول، فلذلك نبهها على شبه و مثاله. وعكس ذلك قوله تعالى: مثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله وتثبيتا من أنفسهم كمثل حبة بربوة أصابها وابل فآتت
أكلها ضعفين فإن لم يصبها وابل فطل والله بما تعملون بصير (3) فإن كانت هذه الحبة التي بموضع عال حيث لا تحجب عنها الشمس والرياح وقد أصابها مطر شديد. فأخرجت ثمرها ضعفي ما يخرج غيرها إن كانت مستحسنة في العقل والحس فكذلك نفقة من أنفق
____________________
(1) في سورة البقرة. الآية 214.
(2) ويناسبه قوله تعالى في سورة الأعراف. الآية 58.
باران كه در لطافت طبعش خلاف نيست * در باغ سبزه رويد ودر شوره زار خس (3) البقرة. الآية 265.