قال الناصب خفضه الله أقول: تكليف ما لا يطاق جائز عند الأشاعرة، لأنه لا يجب على الله شئ ولا يقبح منه فعل، إذ يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، ومنعه المعتزلة لقبحه عقلا والحال أنهم لا بد أن يقولوا به، فإن الله تعالى أخبر بعدم إيمان أبي لهب و كلفه الايمان، فهذا تكليف ما لا يطاق، لأن إيمانه محال وفوق طاقته، لأنه إن آمن لزم الكذب في خبر الله تعالى وهو محال اتفاقا، وهذا شئ يلزم المعتزلة القول بتكليف ما لا يطاق، ثم إن ما لا يطاق على مراتب أوسطها ما لا يتعلق به القدرة الحادثة عادة سواء امتنع تعلقها به لا لنفس مفهومه لخلق الأجسام، أم لا، بأن يكون من جنس ما يتعلق به كحمل الجبل والطيران إلى السماء، والأمثلة التي ذكرها الرجل الطاماتي، فهذا يجوزه الأشاعرة وإن لم يقع بالاستقراء، ولقوله تعالى: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها (2)، وقد عرفناك معنى هذا التجويز فيما سبق " إنتهى " أقول: قد مر أن الوجوب الذي ذهب إليه الإمامية والمعتزلة إنما
____________________
(1) الزمانة بفتح الزاء المعجمة: العاهة، عدم بعض الأعضاء، تعطيل القوى، ولعل الكلمة معربة أو دخيلة.
(2) البقرة. الآية 286.
(2) البقرة. الآية 286.