يفعل الله ما يشاء يتوجه عليه أنه لا يستلزم أن يشاء القبيح أيضا، وهو ظاهر فلا يدل على صدور القبيح منه تعالى، وإن ذكره كلاما من عند نفسه من غير الإشارة إلى الآية فلا التفات إليه أصلا وأما قوله: والحال أنهم لا بد أن يقولوا به، فإن الله تعالى أخبر بعدم إيمان أبي لهب " الخ " فمردود بأن لنا ألف مندوحة عن ذلك، فإن شبهة إخبار الله تعالى بعدم إيمان أبي لهب شبهة سخيفة عتيقة رميمة، قد أجاب عنها المصنف قدس سره في كتابي تهذيب الأصول ونهاية الوصول بالمنع من الأخبار بعدم إيمان أبي لهب، والوعد [ظ الوعيد] بأنه سيصلى نارا لا يدل على الاخبار بعدم تصديقه للنبي صلى الله عليه وآله، لامكان تعذيب المسلم كالفاسق، ولو سلم فلنا أن نقول إنه سيصلى النار على تقدير عدم إيمانه، وكذا قوله تعالى في قصة نوح: إنه لن يؤمن لك من قومك إلا من قد آمن (2) أي بتقدير عدم هداية الله تعالى لهم إلى ذلك، سلمنا لكن نمنع أنهم كلفوا بتصديق النبي صلى الله عليه وآله فيما أخبر به من عدم تصديقهم بنبوته لجواز وروده حال غفلتهم أو نومهم أو بعد التكليف، ولو سلم أن تصديق الله تعالى في كل ما أخبره به من الايمان لم يلزم منه أمره بتصديق هذا الخبر عينا، لأن الايمان إنما يجب بما علم مجيئه به لا بما جاء به مطلقا، سواء علمه المكلف أو لم يعلمه، ولا نسلم أن هذا الخبر مما علم أبو لهب مجيئه به حتى يلزم تصديقه به، وتلخيصه
____________________
(1) الأنعام. الآية 12.
(2) هود. الآية 36.
(2) هود. الآية 36.