أقول: لا يخفى أن أهل السنة يشنعون دائما على الإمامية والمعتزلة بموافقتهم للفلاسفة في بعض المسائل وإن وقعت تلك الموافقة على سبيل الاتفاق و هيهنا افتخر الناصب بموافقة الحكماء للأشاعرة. ومن المضحكات أنه أورد بدل الفلاسفة لفظ الحكماء تبعيدا للأذهان عما كانوا يشنعون به غيرهم من موافقة الفلاسفة، ثم جعل الأشاعرة المتأخرين عن الفلاسفة بألوف سنين متبوعا لهم من أن ما نسبه إليهم من موافقتهم للأشاعرة في نفي تعليل أفعال الله تعالى عن الأغراض افتراء عليهم، وإنما ذلك شئ فهمه بعض القاصرين عن ظواهر كلامهم، وقد صرحوا بخلافه في مواضع، منها ما ذكره بعض المتألهين (2) من المتأخرين حيث قال في خطبة بعض مصنفاته: والصلاة على الغاية والمقصود محمد منبع الوجود، ثم قال في شرحه: ولقائل أن يقول إنكم منعتم الأغراض بالنسبة إلى أفعال الجواد المطلق وقلتم: إن إفاضته للوجود ولوازمه جود مطلقا فلا يستلزم لشيئ من الأغراض، وإلا لما تحقق معنى الجود كما قررتموه، فكيف أثبتم الغاية وجعلتموها هيهنا العلة
____________________
(1) اقتباس من قوله تعالى، في سورة الحج. الآية 18 وقوله تعالى في سورة المائدة الآية 1 وغيرهما من الآيات.
(2) الظاهر هو المولى أفضل الدين.
(2) الظاهر هو المولى أفضل الدين.