الحسين فلم يؤاخذه بإساءته ولم يزل على وزارته * (أخبار القرامطة في البصرة والكوفة) * كان القرامطة قد استبد طائفة منهم بالبحرين وعليهم أبو طاهر سليمان بن أبي سعيد الجناني ورث ذلك عن أبيه واقتطعوا ذلك العمل بأسره عن الدولة كما يذكر في أخبار دولتهم عند افرادها بالذكر فقصد أبو طاهر البصرة سنة احدى عشرة ومائتين وبها سبط مفلح فكبسها ليلا في ألفين وسبعمائة وتسنموا الأسوار بالحبال وركب سبك فقتلوه ووضعوا السيف في الناس فأفحشوا في القتل وغرق كثير في الماء وأقام أبو طاهر بها سبعة عشر يوما وحمل ما قدر عليه من الأموال والأمتعة والنساء والصبيان وعاد إلى هجر وولى المقتدر على البصرة محمد بن عبد الله الفارقي فانحدر إليها بعد انصرافهم عنها ثم سار أبو طاهر القرمطي سنة ثنتي عشرة معترضا للحاج في رجوعهم من مكة فاعترض أوائلهم ونهبهم وجاء الخبر إلى الحاج وهم بعيد وقد فنيت أزوادهم وكان معهم أبو الهيجاء بن حمدان صاحب طريق الكوفة ثم أغار عليهم أبو طاهر فأوقع بهم وأسر أبا الهيجاء أحمد بن بدر من أخوال المقتدر ونهب الأمتعة وسبى النساء والصبيان ورجع إلى هجر وبقي الحجاج ضاحين في القفر إلى أن هلكوا ورجع كثير من الحرم إلى بغداد وأشغبوا واجتمع معهم حرم المنكوبين أيام ابن الفرات فكان ذلك من أسباب نكبته ثم أطلق أبو طاهر الأسرى الذين عنده ابن حمدان وأصحابه وأرسل إلى المقتدر يطلب البصرة والأهواز فلم يجبه وسار من هجر لاعتراض الحاج وقد سار بين أيديهم جعفر بن ورقاء الشيباني في ألف رجل من قومه وكان صاحب أعمال الكوفة وعلى الحاج بمتل صاحب البحر وجنا الصفواني وطريف اليشكري وغيرهم في ستة آلاف رجل فقاتل جعفر الشيباني أولا وهزمه ثم اتبع الحاج إلى الكوفة فهزم عسكرهم وفتك فيهم وأسر جنا الصفواني وهرب الباقون وملك الكوفة وأقام بظاهرها ستة أيام يقيم في المسجد إلى الليل ويبيت في عسكره وحمل ما قدر عليه من الأموال والمتاع ورجع إلى هجر ووصل المنهزمون إلى بغداد فتقدم المقتدر إلى مؤنس بالخروج إلى الكوفة فسار إليها بعد خروجهم عنها واستخلف عليها ياقوتا ومضى إلى واسط ليمانع أبا طاهر دونها ولم يحج أحد هذه السنة وبعث المقتدر سنة أربع عشرة عن يوسف بن أبي الساج من أذربيجان وسيره إلى واسط لحرب أبى طاهر ورجع مؤنس إلى بغداد وخرج أبو طاهر سنة خمس عشرة وقصد الكوفة وجاء الخبر إلى ابن أبي الساج فخرج من واسط آخر رمضان يسابق أبا طاهر إليها فسبقه أبو طاهر وهرب العمال عنها واستولى على الأتراك والعلوفات التي أعدت بها ووصل
(٣٧٧)