استأمن له فآمنه وسار في جملته فكتب إلى العمال بالدعاء لموسى ابنه بعد الدعاء للمأمون والمؤتمن فبلغ ذلك المأمون فأسقط اسم الأمين من الطرد وقطع البريد عنه وأرسل الأمين إليه العباس بن موسى بن عيسى وخاله عيسى بن جعفر بن المنصور وصالحا صاحب الموصل ومحمد بن عيسى بن نهيك يطلب منه تقديم ابنه موسى عليه في العهد ويستقدمه فلما قدموا على المأمون استشار كبراء خراسان فقالوا انما بيعتنا لك على أن لا تخرج من خراسان فأحضر الوفد وأعلمهم بامتناعه مما جاؤوا فيه واستعمل الفضل بن سهل العباس بن موسى ليكون عينا لهم عند الأمين ففعل وكانت كتبه تأتيهم بالاخبار ولما رجع الوفد عاودوه بطلب بعض كور خراسان وأن يكون له بخراسان صاحب بريد يكاتبه فامتنع المأمون من ذلك وأوعد إلى قعوده بالري ونواحيها يضبط الطرق وينقذها من غوائل الكتب والعيون وهو مع ذلك يتخوف عاقبة الخلاف وكان خاقان ملك التبت قد التوى عليه وجيفونة فارق الطاعة وملوك الترك منعوا الضريبة فخشى المأمون ذلك وحفظ عليه الامر بأن يولى خاقان وجيفونة بلادهما ويوادع ملك كابل ويترك الضريبة لملوك الترك الآخرين وقال له بعد ذلك ثم أضرب الحيل بالخيل والرجال بالرجال فان ظفرت والا لحقت بخاقان مستجيرا فقبل إشارته وفعلها وكتب إلى الأمين يخادعه بأنه عامله على هذا الثغر الذي أمره الرشيد بلزومه وان مقامه به أشد غناء ويطلب اعفاءه من الشخوص إليه فعلم الأمين أنه لا يتابعه على مراده فخلعه وبايع لولده في أوائل سنة خمس وتسعين وسماه الناطق بالحق وقطع ذكر المأمون والمؤتمن من المنابر وجعل ولده موسى في حجر علي بن عيسى وعلى شرطته محمد بن عيسى بن نهيك وعلى حرسه أخوه عيسى وعلى رسائله صاحب القتلى وكان يدعى له على المنابر ولابنه الآخر عبد الله ولقبه القائم بالحق وأرسل إلى الكعبة من جاء بكتابي العهد للأمين والمأمون اللذين وضعهما الرشيد هنالك وسارت الكتب من ذلك إلى المأمون ببغداد من عيونه بها فقال المأمون هذه أمور أخبر الرائي عنها وكفاني أنا أن أكون مع الحق وبعث الفضل بن سهل إلى جند الري بالأقوات والاحسان وجمع إليهم من كان بأطرافهم ثم بعث على الري طاهر بن الحسين بن مصعب بن زريق أسعد الخزاعي أبا العباس أميرا وضم إليه القواد والأجناد فنزلها ووضع المسالح والمراصد وبعث الأمين عصمة بن حماد بن سالم إلى همذان في ألف رجل وأمره أن يقيم بهمذان ويبعث مقدمته إلى ساوة * (خروج ابن ماهان لحرب طاهر ومقتله) * ثم جهز الأمين علي بن عيسى بن ماهان إلى خراسان لحرب المأمون يقال دس بذلك
(٢٣٢)