وجاءهم الفضل في منازلهم وعرض عليهم البيعة للمأمون فمنهم من امتنع ومنهم من طرده فرجع إلى المأمون وأخبره فقال قم أنت بالأمر وأشار عليه الفضل أن يبعث على الفقهاء ويدعوهم إلى الحق والعمل به واحياء السنة ورد المظالم وبعقد على الصفوف ففعل جميع ذلك وأكرم القواد وكان يقول للتميمي نقمك مقام موسى ابن كعب وللربعي مكان أبى داود وخالد بن إبراهيم ولليماني مكان قحطبة ومالك بن الهيثم وكل هؤلاء نقباء الدولة ووضع عن خراسان ربع الخراج فاغتبط به أهلها وقالوا ابن أختنا وابن عم نبينا وأقام المأمون يتولى ما كان بيده من خراسان والري وأهدى إلى الأمين وكتب إليه وعظمه ثم إن الأمين عزل لأول ولايته أخاه القاسم المؤتمن عن الجزيرة واستعمل عليها خزيمة بن خازم وأقر المؤتمن على قنسرين والعواصم وكان على مكة داود بن عيسى بن موسى بن محمد وعلى حمص إسحاق بن سليمان فخالف عليه أهل حمص وانتقل عنهم إلى ملية فعزله الأمين وولى مكانه عبد الله بن سعيد الحريشي فقتل عدة منهم وحبس عدة وأضرم النار في نواحيها وسألوا الأمان فأجابهم ثم انتقضوا فقتل عدة منهم ثم ولى عليهم إبراهيم بن العباس * (أخبار رافع وملوك الروم) * وفى سنة ثلاث وتسعين دخل هرثمة بن أعين سمرقند وملكها وقام بها ومعه طاهر ابن الحسين فاستجش رافع بالترك فأتوه وقوى بهم ثم انصرموا وضعف أمره وبلغه الحسن سيرة المأمون فطلب الأمان وحضر عند المأمون فأكرمه ثم قدم هرثمة على المأمون فولاه الحرس وأنكر الأمين ذلك كله وفى هذه السنة قتل يقفور ملك الروم في حرب برجان لسبع سنين من ملكه وملك بعده ابنه استبراق وكان جربا فمات لشهرين وملك بعده صهره على أخته ميخاييل بن جرجيس ووثب عليه الروم سنة أربع وتسعين بعد ثنتين من ملكه فهرب وترهب وولوا بعده اليوق القائد * (الفتنة بين الأمين والمأمون) * ولما قدم الفضل بن الربيع على الأمين ونكث عهد المأمون خشى غائلته فأجمع قطع علائقه من الأمور وأغزى الأمين بخلعه والبيعة للعهد لابنه موسى وواقفه في ذلك علي بن عيسى بن ماهان والسندي وغيرهما ممن يخشى المأمون وخلفهم خزيمة بن خازم وأخوه عبد الله وناشدوا الأمين في الكف عن ذلك وأن لا يحمل الناس على نكت العهود فيطرقهم لنكث عهده ولج الأمين في ذلك وبلغه ان المأمون عزل العياص ابن عبد الله بن مالك عن الري وانه ولى هرثمة بن أعين على الحرس وان رافع بن الليث
(٢٣١)