بغداد وجاء سيف الدولة إلى المتقى بتكريت ثم بعث المتقى إلى ناصر الدولة يستحثه فوصل إليه في ربيع الآخر وركب المتقى من تكريت إلى الموصل وأقام هو بتكريت وسار تورون لحربه فتقدم إليه أخوه سيف الدولة فاقتتلوا أياما ثم انهزم سيف الدولة وغنم تورون سواده وسواد أخيه ولحقوا بالموصل وتورون في اتباعهم ثم ساروا عنها مع المتقى إلى نصيبين ودخل تورون الموصل ولحق المتقى بالرقة وراسل تورون بأن وحشته لاجل ابن البريدي وان رضاه في اصلاح بنى حمدان فصالحهما تورون وعقد الضمان لناصر الدولة على ما بيده من البلاد لثلاث سنين بثلاثة آلاف وستمائة ألف درهم لكل سنة وعاد تورون إلى بغداد وأقام المتقى وبنو حمدان بالرقة * (مسير ابن بويه إلى واسط وعوده عنها ثم استيلاؤه عليها) * كان معز الدولة بن بويه بالأهواز وكان ابن البريدي يطمعه في كل وقت في ملك العراق وكان قد وعده أن يمده واسط فلما أصعد تورون إلى الموصل خالفه معز الدولة إلى واسط وأخلف ابن البريدي وعده في المدد وعاد تورون من الموصل إلى بغداد وانحدر منها للقاء معز الدولة منتصف ذي القعدة من سنة ثنتين وثلاثين واقتتلوا بقباب حميد بضعة عشر يوما ثم تأخر تورون إلى نهر ديالى فعبره ومنع الديلم من عبوره بمن كان معه من المقاتلة في الماء وذهب ابن بويه ليصعد ويتمكن من الماء فبعث تورون بعض أصحابه فعبروا ديالى وكمنوا له حتى إذا صار مصعدا خرجوا عليه على غير أهبه فانهزم هو ووزيره الصهيري وأسر منهم أربعة عشر قائدا واستأمن كثير من الديلم إلى تورون ولحق ابن بويه والصهيري بالسوس ثم عاد إلى واسط ثانية فملكها ولحق أصحاب بنى البريدي بالبصرة * (قتل ابن البريدي أخاه ثم وفاته) * كان أبو عبد الله بن البريدي قد استهلك أمواله في هذه النوائب التي تنوبه واستقرض من أخيه أبى يوسف مرة بعد مرة وكان أثرى منه ومال الجند إليه لثروته وكان يعيب على أخيه تبذيره وسوء تدبيره ثم نمى الخبر إليه أنه يريد المكر به والاستبداد بالأمر وتنكر كل واحد منهما للآخر ثم أكمن أبو عبد الله غلمانه في طريق أبى يوسف فقتلوه وشغب الجند لذلك فأراهم شلوه فافترقوا ودخل دار أخيه وأخذ ما فيها من الأموال وجواهر نفيسة كان باعها له بخمسين ألف درهم وكان أصلها ليحكم وهبها لبنته حين زوجها له وأخذها يحكم من دار الخلافة فاحتاج إليها أبو عبد الله بعد فباعها له وبخسه أبو يوسف في قيمتها وكان ذلك من دواعي العداوة بينهما ثم هلك أبو عبد الله بعد مهلك أخيه بثمانية أشهر وقام بالأمر بعده بالبصرة أخوهما أبو الحسن فأساء السيرة في الجند فثاروا به ليقتلوه فهرب منهم إلى هجر مستجيرا بالقرامطة وولوا عليهم بالبصرة
(٤١٦)