فنزل الخالص وعدل طغرل إلى طريق خراسان وأكثرت عساكره النهب ونزل رباط جلولاء وسار إليه الوزير جلال الدين بن صدقة في العساكر فنزل الدسكرة وجاء المسترشد فنزل معه وتوجه طغرل ودبيس فنزلا الهارونية واتفقا أن يقطعا جسر النهروان فيقيم دبيس عل المعابر ويخالفهم طغرل إلى بغداد ثم عاقتهم جميعا عوائق المطر وأصابت طغرل الحمى وجاء دبيس إلى النهروان ليعبر وقد لحقهم الجوع فصادف أحمالا من البر والأطعمة جاءت من بغداد للمسترشد فنهبها وأرجف في معسكر المسترشد ان دبيس ملك بغداد فأجفلوا من الدسكرة إلى النهروان وتركوا أثقالهم ولما حلوا بالنهروان وجدوا دبيس وأصحابه نياما فاستيقظ وقبل الأرض بين يدي المسترشد وتذلل فهم بصلحه ووصل الوزير ابن صدقة فثناه عن ذلك ثم مد المسترشد الجسر وعبر ودخل بغداد لفتنة خمسة وعشرين يوما وسار دبيس إلى طغرل ثم اعتزموا على المسير إلى السلطان سنجر ومروا بهمذان فعاثوا في أعمالها وصادروا واتبعهم السلطان فانهزموا بين يديه ولحقوا بالسلطان سنجر شاكين من المسترشد والشحنة برتقش * (الفتنة بين المسترشد والسلطان محمود) * ثم وقعت بين برتقش الزكوي وبين نواب المسترشد نبوة فبعث إليه المسترشد يتهدده فخافه على نفسه وسار إلى السلطان محمود في رجب سنة عشرين فحذر منه وانه ثاور العساكر ولقى الحروب وقويت نفسه وأشار بمعاجلته قبل أن يستفحل أمره ويمتنع عليه فسار السلطان نحو العراق فبعث إليه المسترشد بالرجوع عن البلاد لما فيها من الغلاء من فتنة دبيس وبذل له المال وأن يسير إلى العراق مرة أخرى فارتاب السلطان وصدق ما ظنه برتقش وأغذ السير فعبر المسترشد إلى الجانب الغربي مغضبا يظهر الرحيل عن بغداد إذ قصدها السلطان وصانعه السلطان بالاستعطاف وسؤاله في العود فأبى فغضب السلطان ودخل نحو بغداد وأقام المسترشد بالجانب الغربي وبعث عفيفا الخادم من خواصه في عسكر إلى واسط ليمنع عنها نواب السلطان فأرسل السلطان إليه عماد الدين زنكى بن اقنسقر وكان على البصرة كما ذكرناه فسار إليه وهزمه وقتل من عسكره ونجا عفيف إلى المسترشد برأسه فجمع المسترشد السفن وسد أبواب دار الخلافة الا باب النوبي ووصل السلطان في عشر ذي الحجة من سنة عشرين ونزل باب الشماسية ومنع العسكر عن دور الناس وراسل المسترشد في العود والصلح فأبى ونجا جماعة من عسكر السلطان فنهبوا التاج في أول المحرم سنة احدى وعشرين فضج العامة لذلك واجتمعوا وخرج المسترشد والشمسية على رأسه والوزير من يديه وأمر بضرب الطبول ونفخ الأبواق ونادى بأعلى صوته يا لهاشم ونصب الجسر
(٥٠٤)