ابن حريث لعبد الملك طعاما فأخبره بالخورنق وأذن للناس عامة فدخلوا وجاء عمر ابن حريث فأجلسه معه على سريره وطعم الناس ثم طاف مع عمر بن حريث على القصر يسأله عن مساكنه ومعالمه ولما بلغ عبد الله بن حازم مسير مصعب لقتال عبد الملك قال أمعه عمر بن معمر قيل هو على فارس قال فالمهلب قيل في قتال الخوارج قال فعباد ابن الحسين قيل على البصرة قال وأنا بخراسان خذيني فجريني جهارا وانشدي * بلحم امرئ لم يشهد اليوم ناصره * ثم بعث عبد الملك برأس مصعب إلى الكوفة ثم إلى الشأم فنصب بدمشق وأرادوا التطاوف به فمنعت من ذلك زوجة عبد الملك عاتكة بنت يزيد بن معاوية فغسلته ودفنته وانتهى قتل مصعب إلى المهلب وهو يحارب الأزارقة فبايع الناس لعبد الملك ابن مروان ولما جاء خبر مصعب لعبد الله بن الزبير خطب الناس فقال الحمد لله الذي له الخلق والامر يؤتى الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء الا وانه لم يذل الله من كان الحق معه وان كان الناس عليه طرا وقد أتانا من العراق خبر أحزننا وأفرحنا أتانا قتل مصعب فالذي أفرحنا منه ان قتله شهادة وأما الذي أحزننا فان لفراق الحميم لوعة يجدها حميمه عند المصيبة ثم عبد من عبيد الله وعون من أعوالي ألا وان أهل العراق أهل الغدر والنفاق سلموه وباعوه بأقل الثمن فان فوالله ما نموت على مضاجعنا كما يموت بنو أبى العاص والله ما قتل رجل منهم في الجاهلية ولا في الاسلام ولا نموت الا طعنا بالرماح وتحت ظلال السيوف الا انما الدنيا عارية من الملك الأعلى الذي لا يزول سلطانه ولا يبيد ملكه فان تقبل لا آخذها أخذا لا شر البطور وان تدبر لم أبك عليها بكاء الضرع المهين أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم (ولما بلغ الخبر) إلى البصرة تنازع ولايتها حمدان بن أبان وعبد الله بن أبي بكرة واستعان حمدان بعبد الله بن الأهتم عليها وكانت له منزلة عند بنى أمية فلما تمهد الامر بالعراق لعبد الملك بعد مصعب ولى على البصرة خالد بن عبد الله بن أسيد فاستخلف عليها عبيد الله بن أبي بكرة فقدم على حمدان وعزله حتى جاء خالد ثم عزل خالدا سنة ثلاث وسبعين وولى مكانه على البصرة أخاه بشرا وجمع له المصرين وسار بشر إلى البصرة واستخلف على الكوفة عمر بن حريث وولى عبد الملك على الجزيرة وأرمينية بعد قتل مصعب أخاه محمد بن مروان سنة ثلاث وستين فغزا الروم ومزقهم بعد أن كان هادن ملك الروم أيام الفتنة على ألف دينار يدفعها إليه في كل يوم * (أمر زفر بن الحرث بقرقيسيا) * قد ذكرنا في وقعة راهط مسير بن زفر إلى قرقيسيا واجتماع قيس عليه وأقام بها يدعو
(٣٥)