وقريش إلى هزار شب يستعطف لهم السلطان فقبل السلطان ذلك منهما ورد أمر البساسيري إلى الخليفة ومعه الأتراك البغداديون وقتل ابن المقلد وجماعة من عقيل إلى الرحبة وأرسل السلطان إليهما أبا الفتح بن ورام يستخبرهما فجاء بطاعتهما وبمسير هزار شب إليهما فأذن له السلطان في المسير وجاء إليهما واستحلفهما وحثهما على الحضور فخافا وأرسل قريش أبا السيد هبة الله بن جعفر ودبيس ابنه منصورا فأكرمهما السلطان وكتب لهما بأعمالهما وكان لقريش نهر الملك وباذروبا والأنبار وهيت ودحيل ونهر بيطر وعكبرا وأوانا وتكريت والموصل ونصيبين ثم سار السلطان إلى ديار بكر فحاصر جزيرة ابن عمر وبعث إليه يستعطفه ويبذل له المال وجاء إبراهيم نيال أخو السلطان وهو محاصر ولقيه الأمراء والناس وبعث هزار شب إلى دبيس وقريش يحذرهما فانحدر دبيس إلى بلده بالعراق وأقام قريش عند البساسيري بالرحبة ومعه ابنه مسلم وشكا قطلمش ما أصاب أهل سنجار منه عند هزيمته أمام قريش ودبيس فبعث العساكر إليها وحاصرها ففتحها عنوة واستباحها وقتل أميرها على ابن مرجى وشفع إبراهيم في الباقين فتركها وسلمها الله وسلم معها الموصل وأعمالها ورجع إلى بغداد في سنة تسع وأربعين فخرج رئيس الرؤساء للقائه عن القائم وبلغه سلامه وهديته وهي جام من ذهب فيه جواهر وألبسه لباس الخليفة وعمامته فقبل السلطان ذلك بالشكر والخضوع والدعاء وطلب لقاء الخليفة فأسعف وجلس له جلوسا فخما وجاء السلطان في البحر فقرب له لما نزل من السهيرية من مراكب الخليفة والقائم على سرير علوه سبعة أذرع متوشحا البردة وبيده القضيب وقبالته كرسي لجلوس السلطان فقبل الأرض وجلس على الكرسي وقال له رئيس الرؤساء عن القائم أمير المؤمنين شاكر لسعيك حامد لفعلك مستأنس بقربك وولاك ما ولاه الله من بلاده ورد إليك مراعاة عباده فاتق الله فيما ولاك واعرف نعمته عليك واجتهد في نشر العدل وكف الظلم واصلاح الرعية فقبل الأرض وأفيضت عليه الخلع وخوطب بملك المشرق والمغرب وقبل يد الخليفة ووضعها على عينيه ودفع إليه كتاب العهد وخرج فبعث إلى القائم خمسين ألف دينار وخمسين مملوكا من الأتراك منتقين بخيولهم وسلاحهم إلى ما في معنى ذلك من الثياب والطيب وغيرهما * (فتنة نيال مع أخيه طغرلبك ومقتله) * كان إبراهيم نيال قد ملك بلاد الجبل وهمذان واستولى على الجهات من نواحيها إلى حلوان أعوام سنة سبع وثلاثين ثم استوحش من السلطان طغرلبك بما طلب منه أن يسلم إليه مدينة همذان والقلاع فأبى من ذلك نيال وجمع جموعا وتلاقيا فانهزم
(٤٦٢)