استعاد الخليفة بعد ذلك فارس وبعث عماله إليها * (ابتداء دولة ابن طولون بمصر) * كان بابكيال من أكابر قواد الأتراك مع بغا ووصيف وسيما الطويل ولما حدثت هذه الفتن وتغلبوا على الخلفاء أخذوا الاعمال والنواحي في اقطاعهم فاقطع المعتز بابكيال هذا أعمال مصر وبها يومئذ ابن مدبر وكان بابكيال مقيما بالحفيدة فنظر فيمن يستخلفه عليها وكان أحمد بن طولون من أبناء الأتراك وأبوه من سبى فرغانة وربى في دار الخلفاء ونشأ ابنه أحمد بها على طريقة مستقيمة لبابكيال خاله وأشير عليه بتوليته فبعثه على مصر فاستولى عليها أولا دون أعمالها والإسكندرية ثم قتل المعتز بابكيال وصارت مصر في اقطاع بارجوع الترك وكان بينه وبين أحمد بن طولون مودة متأكدة فكتب إليه واستخلفه على مصر جميعها ورسخت قدمه فيها وأصارها تراثا لبنيه فكانت لهم فيها الدولة المعروفة * (استقدام سليمان بن طاهر لولاية بغداد) * قد تقدم لنا أن محمد بن عبد الله بن طاهر بن الحسين كان على العراق والسواد وكانت لهم الشرطة وغيرها وكان مقيما ببغداد وكان في المدافعة عن المستعين لما لجأ إليه ثم صلح ما بينه وبين المعتز واستقل المعتز بالخلافة والآثار المذكورة ثم هلك آخر سنة ثلاث وثمانين أيام المعتز وفوض ما كان بيده من الولاية إلى أخيه عبيد الله نازعه ابنه طاهر في الصلاة عليه ومالت العامة مع أصحاب طاهر والقواد مع عبيد الله لوصية أخيه ثم أمضى المعتز عهد أخيه وخلع عليه وبذل لصاحب الخلع خمسين ألف درهم ثم بعث المعتز عن سليمان بن عبد الله بن طاهر من خراسان وولاه على العراق والشرطة وغيرها مكان أخيه محمد وعزل أخاهما عبيد الله فلما علم عبيد الله تقدم سليمان أخذ ما في بيت المال وانتقل إلى غربي دجلة وجاء سليمان وقائده محمد بن أوس ومعه جند من خراسان فأساؤا السيرة في أهل بغداد فحنق الناس عليهم وأعطى أرزاقهم مما بقي في بيت المال وقدمهم على جند بغداد وشاكريها فاتفق الجند على الثورة وفتقوا السجون وعبر ابن أوس إلى الجزيرة واتبعه الجند والعامة فحاربهم وانهزم وأخرجوه من باب الشماسية ونهب من منزله قيمة ألفى الف درهم ومن الأمتعة ما لا يحصر ونهب منازل جنده ورأى سليمان أن يسكن الثائرة فأمره بالخروج إلى خراسان ثم كانت الفتنة في خلع المعتز وولاية المهدى كما يذكر وبعث المهتدى سلخ رجب من سنة خمس وخمسين إلى سليمان ليأخذ البيعة له ببغداد وكان أبو أحمد بن المتوكل ببغداد قد بعثه إليها المعتز فنقله سليمان إلى داره ووثب الجند والعامة لذلك واجتمعوا بباب سليمان وقاتلهم
(٢٩٥)