* (وزارة ابن البريدي واستيلاؤه على بغداد وفرار المتقى إلى الموصل) * لما استقر ابن رائق في امارة الأمراء بدمشق ببغداد أخر ابن البريدي حمل المال من واسط فانحدر إليه في العساكر في عاشوراء من سنة ثلاثين وهرب بنو البريدي إلى البصرة ثم سعى أبو عبد الله الكوفي بينهم وبين ابن رائق وضمن واسط بستمائة ألف دينار وبقاياها بمائتي ألف ورجع ابن رائق إلى بغداد فشغبت عليه الجند وفيهم تورون وأصحابه ثم انفضوا آخر ربيع إلى أبي عبد الله بواسط فقوى بهم وذهب ابن رائق إلى مداراته فكاتبه بالوزارة واستخلف عليها أبا عبد الله بن شيرزاد ثم انتقض واعتزم على المسير إلى بغداد في جميع الأتراك والديلم وعزم ابن رائق على التحصن بدار الخلافة ونصب عليها المجانيق والعرادات وجند العامة فوقع الهرج وخرج بالمتقي إلى نهر ديالى منتصف جمادى الآخرة وأتاهم أبو الحسين في الماء والبر فهزمهم ودخل دار الخلافة وهرب المتقى وابنه أبو منصور وابن رائق إلى الموصل لستة أشهر من امارته واختفى الوزير القراريطي ونهبت دار الخليفة ودور الحرم وعظم الهرج وأخذ كورتكين من محبسه فأنفذ إلى واسط ولم يتعرضوا للقاهر وكان نزل أبو الحسن بدار الخلافة وجعل تورون على الشرطة بالجانب الغربي وأخذ رهائن القواد تورون وغيره وبعث بنسائهم وأولادهم إلى أخيه عبد الله بواسط وعظم النهب ببغداد وترك دورهم وفرضت المكوس في الأسواق خمسة دنانير على الكر فغلت الأسعار وانتهى إلى ثلثمائة دينار الكر وجاءت ميرة من الكوفة وأخذت فقيل انها لعامل الكوفة وأخذها عامل بغداد وكان معه جماعة من القرامطة فقاتلهم الأتراك وهزموهم ووقعت الحرب بين العامة والديلم فقتل خلق من العامة واختفى العمال لمطاولة الجند إلى الضواحي ينتهبون الزرع بسنبله عند حصاده وساءت أحوال بغداد وكثرت نقمات الله فيهم * (مقتل ابن رائق وولاية ابن حمدان مكانه) * كان المتقى قد بعث إلى ناصر الدولة بن حمدان يستمده على ابن البريدي عند ما قصد بغداد فأمده بعسكر مع أخيه سيف الدولة فلقيه بتكريت منهزما ورجع معه إلى الموصل وخرج ناصر الدولة عن الموصل حتى حلف له ابن رائق واتفقا فجاء وتركه شرقي دجلة وعبر إليه أبو منصور بن المتقى وابن رائق فبالغ في تكرمتهما فلما ركب ابن المتقى قال لابن رائق أقم نتحدث في رأينا فذهبا إلى الاعتذار وألح عليه ناصر الدولة فاستراب وجذب يده وقصد الركوب فسقط فأمر ناصر الدولة بقتله والقائه في دجلة وبعث إلى المتقى بالعذر وأحسن القول وركب إليه فولاه أمير الأمراء ولقبه ناصر الدولة وذلك مستهل شعبان من سنة ثلاثين وخلع على أخيه أبى الحسن ولقبه بسيف الدولة فلما قتل ابن
(٤١٢)