البيعة ويخطب له في بلاده فأجاب وبعث بالهدايا ووقعت لأول بيعته فتنة بين أهل السنة والشيعة وعظم الهرج والنهب والقتل وخربت فيها أسواق وقتل كثير من جباة المكوس وأصيب أهل الكرخ وتطرق الدعار إلى كبس المنازل ليلا وتنادى الجند بكراهية جلال الدولة وقطع خطبته ولم يجبهم القائم إلى ذلك وفرق جلال الدولة فيهم الأموال فسكنوا وقعد في بيته وأخرج دوابه من الإصطبل وأطلقها بغير سائس ولا حافظ لقلة العلف وطلب الأتراك منه أن يحملهم في كل وقت فأطلقها وكانت خمسة عشر وفقد الجاري فطرد الطواشي والحواشي والاتباع وأغلق باب داره والفتنة تتزايد إلى آخر السنة * (وثوب الجند بجلال الدولة وخروجه من بغداد) * ثم جاء الأتراك سنة ست وعشرين إلى جلال الدولة فنهبوا داره وكتبه ودواوينه وطلبوا الوزير أبا إسحاق السهيلي فهرب إلى حلة غريب بن مكين وخرج جلال الدولة إلى عكبرا وخطبوا ببغداد لابي كاليجار وهو بالأهواز واستقدموه فأشار عليه بعض أصحابه بالامتناع فاعتذر إليهم فأعادوا لجلال الدولة وساروا إليه معتذرين وأعادوه بعد ثلاثة وأربعين يوما واستوزر أبا القاسم بن ماكولا ثم عزله واستوزر عميد الملك أبا سعيد عبد الرحيم ثم أمره بمصادرة أبى المعمر بن الحسين البساسيري فاعتقله في داره وجاء الأتراك لمنعه فضربوا الوزير ومزقوا ثيابه وأدموه وركب جلال الدولة فأطفأ الفتنة وأخذ من البساسيري ألف دينار وأطلقه واختفى الوزير ثم شغب الجند ثانيا في رمضان وأنكروا تقديم الوزير أبى القاسم من غير علمهم وانه يريد التعرض لأموالهم فوثبوا به ونهبوا داره وأخرجوه إلى مسجد هنالك فوكلوا به فوثب العامة مع بعض القواد من أصحابه فأطلقوه وأعادوه إلى داره وذهب هو في الليل إلى الكرخ بحرمه ووزيره أبو القاسم معه واختلف الجند في أمره وأرسلوا إليه بأن يملكوا بعض أولاده الأصاغر وينحدر هو إلى واسط وهو في خلال ذلك يستميلهم حتى فرق جماعتهم وجاء الكثير إليه فأعادوه إلى داره واستخلف البساسيري في جماعة للجانب الغربي سنة خمس وعشرين لاشتداد أمر العيارين ببغداد وكثرة الهرج وكفايته هو ونهضته ثم عاد أمر الخلافة و السلطنة إلى أن اضمحل وتلاشى وخرج بعض الجند إلى قرية فلقيهم أكراد وأخذوا دوابهم وجاؤا إلى بستان القائم فتعللوا على عماله بأنهم لم يدفعوا عنهم ونهبوا ثمرة البستان وعجز جلال الدولة عن عتاب الأكراد وعقاب الجند وسخط القائم أمره وتقدم إلى القضاة والشهود والفقهاء بتعطيل المراتب الدينية فرغب جلال الدولة من الجند أن يحملهم إلى ديوان الخلافة فحملوا وأطلقوا وعظم أمر العيارين وصاروا في حماية الجند وانتشر العرب
(٤٤٨)