ثم قدم بغداد ومعه أتابكه اقسنقر الأحمد يلي فأنزله الخليفة بدار السلطان وأكرمه ولما بلغ السلطان مسعودا هزيمة داود ووصوله إلى بغداد قدم إليها وخرج داود لتلقيه وترجل له عن فرسه ونزل مسعود بدار السلطنة في صفر سنة سبع وعشرين وخطب له على منابر بغداد ولداود بعده واتفقا مع المسترشد إلى آذربيجان وان يمدهما وسارا لذلك وملك مسعود سائر بلاد آذربيجان وحاصر جماعة من الأمراء بأردبيل ثم هزمهم وقتل منهم وسار إلى همذان وبرز أخو طغرل للقائه فانهزم واستولى مسعود على همذان وقتل اقسنقر قتله الباطنية يقال بدسيسة السلطان محمود ولما انهزم طغرل قصد الري وبلغ قم ثم عاد إلى اصبهان ليمتنع بها وسار أخوه مسعود للحصار فارتاب طغرل بأهل أصبهان وسار إلى بلاد فارس فاتبعه مسعود واستأمن إليه بعض أمراء طغرل فارتاب بالباقين وانهزم إلى الري في رمضان من سنته واتبعه مسعود فلحقه بالري وقاتله فانهزم طغرل وأسر جماعة من أمرائه وعاد مسعود إلى همذان ظافرا وعند ما قصد طغرل الري من فارس قتل في طريقه وزيره أبا القاسم النشاباذي في شوال من سنته لموجدة وجدها عليه * (مسير المسترشد لحصار الموصل) * لما انهزم عماد الدين زنكى امام المسترشد كما قلنا لحق بالموصل وشغل سلاطين السلجوقية في همذان بالخلف الواقع بينهم وجماعة من امراء السلجوقية إلى بغداد فرارا من الفتنة فقوى بهم المسترشد وبعث إلى عماد الدين زنكى بعض شيوخ الصوفية من حضرته فأغلظ له في الموعظة فأهانه زنكى وحبسه فاعتزم المسترشد على حصار الموصل وبعث بذلك إلى السلطان مسعود وسار من بغداد منتصف شعبان سنة سبع وعشرين في ثلاثين ألف مقاتل ولما قارب الموصل فارقها زنكى نزل بها نائبه نصير الدين حقر ولحق بسنجر وأقام يقطع المدد والميرة عن عسكر المسترشد حتى ضاقت بهم الأمور وحاصرها المسترشد ثلاثة أشهر فامتنعت عليه ورحل عائدا إلى بغداد فوصل يوم عرفة من سنته يقال ان مطرا الخادم جاء من عسكر السلطان مسعود لأنه قاصد العراق فارتحل لذلك * (مصاف طغرل ومسعود وانهزام مسعود) ولما عاد مسعود إلى همذان بعد انهزام أخيه طغرل بلغه انتقاض داود ابن أخيه محمود بآذربيجان فسار إليه وحصره ببعض قلاعها فخالفه طغرل إلى بلاد الجبل واجتمعت عليه العساكر ففتح كثيرا من البلاد وقصد مسعودا وانتهى إلى قزوين فسار مسعود للقائه وهرب من عسكره جماعة كان طغرل قد داخلهم واستمالهم فولى مسعود
(٥٠٨)