* (نكبة الفضل بن مروان) * كان للمعتصم في ولاية أخيه كاتب يعرف بيحيى الجرمقابي واتصل به الفضل بن مروان وهو من البردان وكان حسن الخط فلما هلك الجرمقاب استكتبه المعتصم وسار معه إلى الشام فأثرى ولما استخلف المعتصم استولى على هواه واستتبع الدواوين واحتجر الأموال ثم صار يرد أوامر المعتصم في العطايا ولا ينفذها واختلفت فيه السعايات عند المعتصم ودسوا عليه عنده من ملا مجلسه ومساخره من يعير المعتصم باستبداده عليه ورد أوامره فحقد له ذلك ثم نكبه سنة عشرين وصادره وجميع أهل بيته وجعل مكانه محمد بن عبد الملك بن الزيات وغرب الفضل إلى بعض قرى الموصل قد تقدم لنا حديث بابك الخرمي وظهوره سنة اثنتين ومائتين بدعوة جاوندان ابن سهل واتخذ مدينة البر لامتناعه وولى المأمون حروبه فهزم عساكره وقتل جماعة من قواده وخرب الحصون فيما بين أردبيل وزنجان فلما ولى المعتصم بعث أبا سعيد محمد بن يوسف فبنى الحصون التي خربها وشحنها بالرجال والأقوات وحفظ الصائلة لجلب الميرة وبينما هو في ذلك أغارت بعض سرايا بابك بتلك النواحي فخرج في طلبهم واستنقذ ما أخذوه وقتل كثيرا وأسر أكثر وبعث بالرؤس والأسرى إلى المعتصم وكان ابن البعيث أيضا في قلعة له حصينة من كور أذربيجان ملكها من يد ابن الرواد وكان يصانع بابك ويضيف سراياه إذا مروا به ومر به في هذه الأيام قائده عصمة وأضافه على العادة ثم قبض عليه وقتل أصحابه وبعث به إلى المعتصم فسأله عن عورات بلاد بابك فدله عليها ثم حبسه وعقد لقائده الأفشين حيدر بن كاوس على الجبال ووجهه لحرب بابك فسار إليها ونزل بساحتها وضبط الطرقات ما بينه وبين أردبيل وأنزل قواده في العساكر ما بينه وبين أردبيل يتلقون الميرة من أردبيل من واحد إلى الآخر حتى تصل عسكر الأفشين وكان إذا وقع بيده أحد من جواسيس بابك يسأله عن احسان بابك إليه فيضاعفه ويطلقه ثم إن المعتصم بعث بغا الكبير بمدد الأفشين بالنفقات وسمع بابك فاعتزم على اعتراضه وأخبر الأفشين بذلك بعض جواسيسهم فكتب إلى بغا أن يرتحل من حصن النهر قيلا ثم يرجع إلى أردبيل ففعل ذلك وجاءت الاخبار إلى بابك وركب الأفشين في يوم مواعدته لبغا وأغذ المسير وخرجت سرية بابك فلقيت قافلة النهر ولم يصادفوا بغا فيها فقتلوا من وجدوا فيها من الجند وفاتهم المال ولقوا في طريقهم الهيثم من قواد الأفشين فهزموه وامتنع بحصنه ونزل بابك عليه يحاصره وإذا بالإفشين قد وصل فأوقع بهم وقتل الكثير من جنده ونجا بابك إلى موقان وأرسل إلى عسكره في البر فلحقت به وخرج معهم من موقان إلى الفل ولما رجع الأفشين
(٢٥٨)