خرج المسلمون عن بلاد الهند وتركوا مراكزهم ثم ولى الحكم بن سوام الكلبي وقد كفر أهل الهند الا أهل قصة فبنى مدينة سماها المحفوظة وجعلها مأوى المسلمين وكان معه عمر بن محمد بن القاسم وكان يفوض إليه عظائم الأمور وأغزاه من المحفوظة فلما قدم وقد ظهر أمره فبنى مدينة وسماها المنصورة وهي التي كانت أمراء السند ينزلونها واستخلص ما كان غلب عليه العدو ورضى الناس بولايته ثم قتل الحكم وضعفت الدولة الأموية عن الهند وتأتي أخبار السند في دولة المأمون * (فتح مدينة كاشغر) * أجمع قتيبة لغزو مدينة كاشغر سنة ست وتسعين وهي أدنى مدائن الصين فسار لذلك وحمل مع الناس عيالاتهم ليضعها بسمرقند وعبر النهر وجعل على المجاز مسلحة (1) يمنعون الراجع من العسكر الا باذنه وبعث مقدمه إلى كاشغر فغنموا وسبوا وختم أعناق السبى وأوغل حتى قارب الصين فكتب إليه ملك الصين يستدعى من أشراف العرب من يخبره عنهم وعن دينهم فانتخب قتيبة عشرة من العرب كان منهم هبيرة بن شمرج الكتابي وأمر لهم بعدة حسنة ومتاع من الخز والوشى وخيول أربعة وقال لهم أعلموه انى حالف انى لا أنصرف حتى أطأ بلادهم وأختم ملوكهم وأجبى خراجهم ولما قدموا على ملك الصين دعاهم في اليوم الأول فدخلوا وعليهم الغلائل والأردية وقد تطيبوا ولبسوا النعال فلم يكلمهم الملك ولا أحد ممن حضره وقالوا بعد انصرافهم هؤلاء نسوان فلبسوا الوشى والمطارف وعمائم الخز وغدوا عليه فلم يكلموهم وقالوا هذه أقرب إلى هيئة الرجال ثم دعاهم الثالثة فلبسوا سلاحهم وعلى رؤسهم البيضات والمغافر وتوشحوا السيوف واعتقلوا الرماح ونكبوا القسي فهالهم منظرهم ثم انصرفوا وركبوا فتطاردوا فعجب القوم منهم ثم دعا زعيمهم هبيرة بن شمرج فسأله لم خالفوا في زيهم فقال أما الأول فانا نساء في أهلنا وأما الثاني فزينا عند أمرائنا وأما الثالث فزينا لعدونا فاستحسن ذلك ثم قال له قد رأيتم عظم ملكي وأنه ليس أحد يمنعكم منى وقد عرفت قلتكم فقولوا لصاحبكم ينصرف والا بعثت من يهلككم فقال هبيرة كيف نكون في قلة وأول خيلنا في بلادك وآخرها في منابت الزيتون وأما القتل فلسنا نكرهه ولا نخافه ولنا آجال إذا حضرت فلن نتعداها وقد حلف صاحبنا أنه لا ينصرف حتى يطأ أرضكم ويختم ملوككم ويأخذ جزيتكم قال الملك فانا نخرجه من يمينه نبعث له بتراب من أرضنا فيطؤه ويقبض أبناءنا فيختمهم وبهدية ترضيه ثم أجازهم فأحسن وقدموا على قتيبة فقبل الجزية ووطئ التراب وختم الغلمان وردهم ثم انصرف من غداته وأوفد هبيرة إلى الوليد وبلغه وهو في الفرات موت الوليد
(٦٧)