ابن الزبير يلومه وقيل إن بيعة الوليد وسليمان كانت سنة أربع وثمانين والأول أصح وقيل قدم عبد العزيز على أخيه عبد الملك من مصر فلما فارقه وصاه عبد الملك فقال ابسط بشرك وألن كنفك وآثر الرفق في الأمور فهو أبلغ لك وانظر حاجبك وليكن من خير أهلك فإنه وجهك ولسانك ولا يقفن أحد ببابك الا أعلمك مكانه لتكون أنت الذي تأذن له أو ترده فإذا خرجت إلى مجلسك فابدأ جلساءك بالكلام يأنسوا بك وتثبت في قلوبهم محبتك وإذا انتهى إليك مشكل فاستظهر عليه بالمشورة فإنها تفتح مغاليق الأمور المبهمة واعلم أن لك نصف الرأي ولأخيك نصفه ولن يهلك امرؤ عن مشورة وإذا سخطت على أحد فأخر عقوبته فإنك على العقوبة بعد التوقف عنها أقدر منك على ردها بعد اصابتها * (وفاة عبد الملك وبيعة الوليد) * ثم توفى عبد الملك منتصف شوال سنة ست وثمانين وأوصى إلى بنيه فقال أوصيكم بتقوى الله فإنها أزين حلية وأحصن كهف ليعطف الكبير منكم على الصغير وانظروا مسلمة فاصدروا عن رأيه فإنه نابكم الذي عنه تفترون ولحيكم الذي عنه ترمون وأكرموا الحجاج فإنه الذي وطأ لكم المنابر ودوخ لكم البلاد وأذل لكم مغنى الأعداء وكونوا بنى أم بررة لا تدب بينكم العقارب وكونوا في الحرب أحرارا فان القتال لا يقرب منية وكونوا للمعروف منارا فان المعروف يبقى أجره وذخره وذكره وضعوا معروفكم عند ذوي الأحساب فإنه لصون له واشكر لما يؤتى إليهم منه وتعهدوا ذنوب أهل الذنوب فان استقالوا فأقيلوا وان عادوا فانتقموا (ولما دفن عبد الملك) قال الوليد انا لله وانا إليه راجعون والله المستعان على مصيبتنا بموت أمير المؤمنين والحمد لله على ما أنعم علينا من الخلافة فكان أول من عزى نفسه وهنأها ثم قام عبد الله بن همام السامولى وهو يقول الله أعطاك التي لا فوقها * وقد أراد الملحدون عوقها عنك ويأبى الله الا سوقها * إليك حتى قلدوك طوقها وبايعه ثم بايعه الناس بعده وقيل إن الوليد صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس لا مقدم لما أخره الله ولا مؤخر لما قدمه الله وقد كان من قضاء الله وسابق علمه وما كتب على أنبيائه وحملة عرشه الموت وقد صار إلى منازل الأبرار وولى هذه الأمة بالذي يحق لله عليه في الشدة على المذنب واللين لأهل الحق والفضل وإقامة ما أقام الله من منازل الاسلام واعلائه من حج البيت وغزو الثغور وشن الغارة على أعداء الله فلم يكن عاجزا ولا مفرطا أيها الناس عليكم بالطاعة ولزوم الجماعة فان الشيطان مع
(٥٨)