من الأموال والضياع ورجوعه إليهم في تدبير ملكه يطالبه باخراجهم من الدار واخراج هارون بن غريب معهم وانتزاع ما في أيديهم من الأموال والاملاك فأجاب المقتدر إلى ذلك وكتب يستعطفه ويذكره البيعة وبخوفه عاقبة النكث وأخرج هارون إلى الثغور الشامية والجزرية فسكن مؤنس ودخل إلى بغداد ومعه ابن حمدان ونازوك والناس يرجفون بأنه خلع المقتدر فلما كان عشر محرم من هذه السنة ركب مؤنس إلى باب الشماسية وتشاور مع أصحابه قليلا ثم رجعوا إلى دار الخليفة بأسرهم وكان المقتدر قد صرف أحمد بن نصر القسوري عن الحجابة وقلدها ياقوتا وكان على حرب فارس فاستخلف مكانه ابنه أبا الفتح المظفر فلما جاء مؤنس إلى الدار هرب ابن ياقوت وسائر الحجبة والخدم والوزير وكل من بالدار ودخل مؤنس فأخرج المقتدر وأمه وولده وخواص جواريه فنقلهم إلى داره واعتقلهم بها وبلغ الخبر هارون ابن غريب بقطربل فدخل إلى بغداد واستتر ومضى ابن حمدان إلى دار ابن طاهر فأحضر محمد بن المعتضد وبايعوه ولقبوه القاهر بالله وأحضروا القاضي أبا عمر المالكي عند المقتدر للشهادة عليه بالخلع وقام ابن حمدان يتأسف له ويبكى ويقول كنت أخشى عليك مثل هذا ونصحتك فلم تقبل وآثرت قول الخدم والنساء على قولي ومع هذا فنحن عبيدك وخدمك وأودع كتاب الخلع عند القاضي أبى عمر ولم يظهر عليه أحدا حتى سلمه إلى المقتدر بعد عوده فحسن موقع ذلك منه وولاه القضاء ولما تم الخلع عمد مؤنس إلى دار الخليفة فنهبها ومضى ابن نفيس إلى تربة أم المقتدر فاستخرج من بعض قبورها ستمائة ألف دينار وحملها إلى القاهر وأخرج مؤنس علي بن عيسى الوزير من الحبس وولى علي بن مقلة الوزارة وأضاف إلى نازوك الحجابة مع الشرطة وأقطع ابن حمدان حلوان والدينور وهمذان وكرمان والصيمرة ونهاوند وشيراز وماسبذان مضافا إلى ما بيده من أعمال طريق خراسان وكان ذلك منتصف المحرم ولما تقلد نازوك الحجابة أمر الرجالة بتقويض خيامهم من الدار وأدالهم ابن جالة من أصحابه فأسفهم بذلك وتقدموا إلى خلفاء الحجاب بأن يمنعوا الناس من الدخول الا أصحاب المراتب فاضطربت الحجرية لذلك فلما كان سابع عشر المحرم وهو يوم الاثنين بكر الناس إلى الخليفة لحضور الموكب وامتلأت الرحاب وشاطئ دجلة بالناس وجاء الرجالة المصافية شاكي السلاح يطالبون بحق البيعة ورزق سنة وقد بلغ منهم الحنق على نازوك مبالغه وقعد مؤنس عن الحضور ذلك اليوم وزعق الرجالة المصافية فنهى نازوك أصحابه أن يعرضوا لهم فزاد شغبهم وهجموا على الصحن المنيعي ودخل معهم من كان على الشط من العامة بالسلاح والقاهر جالس وعنده علي بن مقلة الوزير ونازوك فقال النازوك
(٣٨٠)