منهزما آخر رمضان سنة ثمان وعشرين واستأذن المسترشد في دخول بغداد وكان نائبه بأصبهان البقش السلامي ومعه أخوه سلجوق شاه فلما بلغهم خبر الهزيمة لحقوا ببغداد ونزل سلجوق بدار السلطان وبعث إليه الخليفة بعشرة آلاف دينار ثم قدم مسعود بعدهم ولقى في طريقه شدة وأصحابه بين راجلين وركاب فبعث إليهم المسترشد بالمقام والخيام والأموال والثياب والآلات وقرب إليهم المنازل ونزل مسعود بدار السلطنة ببغداد منتصف شوال سنة ثمان وأقام طغرل بهمذان * (وفاة طغرل واستيلاء السلطان مسعود) * ولما وصل مسعود إلى بغداد أكرمه المسترشد ووعده بالمسير معه لقتال أخيه طغرل وأزاح علل عسكره واستحثه لذلك وكان جماعة من أمراء السلجوقية قد ضجروا من الفتنة ولحقوا بالمسترشد فساروا معه ودس إليهم طغرل بالمواعيد فارتاب المسترشد ببعضهم واطلع على كتاب طغرل إليه وقبض عليه ونهب ماله فلحق الباقون بالسلطان وبعث فيهم المسترشد فمنعهم السلطان فحدثت بينهم الوحشة لذلك وبعث السلطان إلى الخليفة يلزمه المسير معه وبينا هما على ذلك إذ جاءه الخبر بوفاة طغرل في المحرم من سنة تسع وعشرين فسار السلطان مسعود إلى همذان وأقبلت إليه العساكر فاستولى عليها وأطاعه أهل البلاد واستوزر شرف الدين أنو شروان خالدا وكان قد سار معه بأهله * (فتنة السلطان مسعود مع المسترشد) * لما استولى السلطان مسعود على همذان استوحش منه جماعة من أعيان الأمراء منهم برتقش وكزل وسنقر والى همذان وعبد الرحمن بن طغرلبك ففارقوه ودبيس بن صدقة معهم واستأمنوا إلى الخليفة ولحقوا بخوزستان وتعاهدوا مع برسق على طاعة المسترشد وحذر المسترشد من دبيس وبعث شديد الدولة بن الأنباري بالأمان للأمراء دون دبيس ورجع دبيس إلى السلطان مسعود وسار الأمراء إلى بغداد فأكرمهم المسترشد واشتدت وحشة السلطان مسعود لذلك ومنافرته للمسترشد فاعتزم المسترشد على قتاله وبرز من بغداد في عشري رجب وأقام بالشفيع وعصى عليه صاحب البصرة فلم يجبه وأمراء السلجوقية الذين بقوا معه يحرضونه على المسير فبعث مقدمته إلى حلوان ثم سار من شعبان واستخلف على العراق اقبالا خادمه في ثلاثة آلاف فارس ولحقه برسق بن برسق فبلغ عسكره سبعة آلاف فارس وكان أصحاب الاعراب يكاتبون المسترشد بالطاعة فاستصلحهم مسعود ولحقوا به وبلغ عسكره خمسة عشر
(٥٠٩)