جنكزخان من قبيلة يعرفون نوحي فسار إلى بلاد تركستان وما وراء النهر وملكها من أيدي الخطأ ثم حارب خوارزم شاه إلى أن غلبه على ما في يده من خراسان وبلاد الجبل ثم تخطى أرانيه فملكها ثم ساروا إلى بلاد شروان وبلد اللان واللكز فاستولوا على الأمم المختلفة بتلك الأصقاع ثم ملكوا بلاد قنجاق وسارت طائفة أخرى إلى غزنة وما يجاورها من بلاد الهند وسجستان وكرمان فملكوا ذلك كله في سنة أو نحوها وفعلوا من العيث واقتل والنهب ما لم يسمع بمثله في غابر الازمان وهزموا خوارزم شاه علاء الدين محمد بن تكش فلحق بجزيرة في بحر طبرستان فامتنع بها إلى أن مات سنة احدى وعشرين سنة من ملكه ثم هزموا ابنه جلال الدين بغزنة واتبعه جنكزخان إلى نهر السند فعبر إلى بلاد الهند وخلص منهم وأقام هنالك مدة ثم رجع سنة ثنتين وعشرين إلى خوزستان والعراق ثم ملك أذربيجان وأرمينية إلى أن قتله المظفر حسبما نذكر ذلك كله مقسما بين دولتهم ودولة بنى خوارزم شاه أو مكررا فيهما فهناك تفصيل هذا المحل من أخبارهم والله الموفق بمنه وكرمه * (وفاة الناصر وخلافة الظاهر ابنه) * ثم توفى أبو العباس أحمد الناصر بن المستضئ في آخر شهر رمضان سنة ثنتين وعشرين سنة وستمائة لسبع وأربعين سنة من خلافته بعد أن عجز عن الحركة ثلاث سنين من آخر عمره وذهبت احدى عينيه وضعف بصر الأخرى وكانت حاله مختلفة في الجد واللعب وكان متفننا في العلوم وله تآليف في فنون منها متعددة ويقال انه الذي أطمع التتر في ملك العراق لما كانت بينه وبين خوارزم شاه من الفتنة وكان مع ذلك كثيرا ما يشتغل برمي البندق واللعب بالحمام المناسيب ويلبس سراويل الفتوة شأن العيارين من أهل بغداد وكان له فيها سند إلى زعمائها يقتصه على من يلبسه إياها وكان ذلك كله دليلا على هرم الدولة وذهاب الملك عن أهلها بذهاب ملاكها منهم ولما توفى بويع ابنه أبو نصر محمد ولقب الظاهر وكان ولى عهده عهد له أولا سنة خمس وثمانين وخمسمائة ثم خلعه من العهد وعهد لأخيه الصغير على لميله إليه وتوفى سنة ثنتي عشرة فاضطر إلى إعادة هذا فلما بويع بعد أبيه أظهر من العدل والاحسان ما حمد منه ويقال انه فرق في العلماء ليلة الفطر التي بويع فيها مائة ألف دينار * (وفاة الظاهر وولاية ابنه المستنصر) * ثم توفى الظاهر أبو نصر محمد في منتصف رجب سنة ثلاث وعشرين وستمائة لتسعة أشهر ونصف من ولايته وكانت طريقته مستقيمة وأخباره في العدل مأثورة ويقال انه قبل
(٥٣٥)