وان الزنج اختلفوا في الاحتشاد ونزلوا من الصلح إلى أسفل واسط ينتهزون الفرصة في ابن الموفق لما يظنون من قلة درايته بالحرب فركب أبو العباس لاستعلام أمرهم ووافى نصيرا فلقيهم جماعة من الزنج فاستطرد لهم أولا ثم كر في وجوههم وصاح بنصير فرجع وركب أبو العباس السفن النهرية فهزم الزنج وأثخن فيهم واتبعهم ستة فراسخ وغنم من سعيهم وكان ذلك أول الفتح ورجع سليمان بن جامع إلى نهر الأمين وسليمان ابن موسى الشعراني إلى سوق الخميس وأبو العباس على فرسخ من واسط يغاديهم القتال ويراوحهم ثم احتشد سليمان وجاء من ثلاثة وجوه وركب في السفن النهرية وبرز إليه نصير في سفنه وركب معه أبو العباس في خاصته وأمر الجند بمحاذاته من الشط ونشب الحرب فوقعت الهزيمة على الزنج وغنمت سفنهم وأفلت سليمان والجناني من الهلكة وبلغوا طهتا ورجع أبو العباس إلى معسكره وأمر باصلاح السفن المغنومة وحفر الزنج في طريق الجبل الآبار وغطوها فوقع بعض الفرسان فيها فعدل جند السلطان عن ذلك الطريق وأمر الخبيث أصحابه بالسفن في النهر وأغاروا على سفن أبى العباس وغنموا بعضها وركب في اتباعهم واستنقذ سفنهم وغنم من سفنهم نحوا من ثلاثين وجد في قتالهم وتحصن ابن جامع بطهتا وسمى مدينته المنصورة والشعراني بسوق الخميس وسمى مدينته المنيعة وكان أبو العباس يغير على الميرة التي تأتيهم من سائر النواحي وركب في بعض الأيام إلى مدينة الشعراني التي سماها المنيعة وركب نصير في النهر وافترقوا في مسيرهم واعترضت أبا العباس جماعة من الزنج فمنعوه من طريق المدينة وقاتلوه مقدار نهاره وأشاعوا قتل نصير وخالفهم نصير إلى المدينة فأثخن فيها وأضرموا النار في بيوتها وجاء الخبر بذلك إلى أبي العباس بسيره ثم جاء نصير ومعه أسرى كثيرون فقاتلوا الزنج وهزموهم ورجع أبو العباس إلى عسكره وبعث الخبيث إلى ابن ابان وابن جامع فأمرهما بالاجتماع على حرب أبى العباس * (وصول الموفق لحرب الزنج وفتح المنيعة والمنصورة) * كان الموفق لما بعث ابنه أبا العباس لحرب الزنج تأخر لامداده بالحشود والعدد وإزاحة علله ومسارقة أحواله فلما بلغه اجتماع ابن أبان وابن جامع لحربه سار من بغداد إليه فوصل إلى واسط في ربيع الأول من سنة سبع وستين ولقيه ابنه وأخبره بالأحوال ورجع إلى عسكره ونزل الموفق على نهر شداد ونزل ابنه شرقي دجلة على موهة بن مساور فأقام يومين ثم رحل إلى المنيعة بسوق الخميس سار إليها في النهر ونادى بالمقامة ولقيه الزنج فحاربوه ثم جاء الموفق فانهزموا واتبعهم أصحاب أبي العباس فاقتحموا عليهم
(٣٢٠)