إلى داره فاعتقله بها واضطرب الناس وعظم النهب ونهب دار الخلافة وقبض على أبي أحمد الشيرازي كاتب المستكفى وكان ذلك في جمادى الآخرة لسنة وأربعة أشهر من خلافته ثم بويع أبو القاسم الفضل بن المقتدر وقد كان المستكفى طلبه حين ولى لاطلاقه على شأنه في طلب الخلافة فلم يظفر به واختفى فلما جاء معز الدولة تحول إلى داره واختفى عنده فلما قبض على المستكفى بويع له ولقب المطيع لله ثم أحضر المستكفى عنده فأشهد على نفسه بالخلع وسلم عليه بالخلافة ولم يبق للخليفة من الامر شئ البتة منذ أيام معز الدولة ونظر وزير الخليفة مقصور على اقطاعه ونفقات داره والوزارة منسوبة إلى معز الدولة وقومه من الديلم شيعة للعلوية منذ اسلامهم على يد الأطروش فلم يكونوا من شيعة العباسية في شئ ولقد يقال بأن معز الدولة اعتزم على نقل الخلافة منهم إلى العلوية فقال له بعض أصحابه لا تول أحدا يشركك قومك كلهم في محبته والاشتمال عليه وربما يصير لهم دونك فأعرض عن ذلك وسلبهم الامر والنهى وتسلم عماله وجنده من الديلم وغيرهم أعمال العراق وسائر أراضيه وصار الخليفة انما يتناول منه ما يقطعه معز الدولة ومن بعده فما يسد بعض حاجاته نعم انهم كانوا يفردونهم بالسرير والمنبر والسكة والختم على الرسائل والصكوك ولجلوس للوفد واجلالهم في التحية والخطاب وكل ذلك طوع القائم على الدولة وكان يفرد في كل دولة بنى بويه والسلجوقية بلقب السلطان مما لا يشاركه فيه أحد ومعنى الملك من تصريف القدرة واظهار الأبهة والعز حاصل له دون الخليفة وغيره وكانت الخلافة حاصلة للعباسي المنصوب لفظا مسلوبة معنى والله المدبر للأمور لا اله غيره * (انقلاب حال الدولة بما تجدد في الجباية والأقطاع) * لما استولى معز الدولة طلب الجند أرزاقهم على عادتهم وأكثر لسبب ما تجدد من الاستيلاء الذي لم يكن له فاضطر إلى ضرب المكوس وأخذ أموال الناس من غير وجهها وأقطع قواده وأصحابه من أهل عصبيته وغير المساهمين له في الامر جميع القرى التي بجانب السلطان فارتفعت عنها أيدي العمال وبطلت الدواوين واختلف حال القرى في العمارة عما كان في أيدي القواد والرؤساء حصل بهم لأهلها الرفق فزادت عمارتها وتوفر دخلها ولم تكن مناظرتهم في ذلك ولا تقديره عليهم وما كان بأيدي العامة والاتباع عظم خرابه لما كان يعدم من الغلاء والنهب واختلاف الأيدي وما يزيد الآن من الظلم ومصادرات الرعايا والحيف في الجباية واهمال النظر في تعديل القناطر والمشارب وقسم المياه على الأرضين فإذا خرجت قراهم ردوها وطلبوا العوض عنها فيصير الآخر منها لما صار إليه الأول ثم أمر معز الدولة قواده وأصحابه
(٤٢١)