على معالمه وأتى يزيد فأخبره فانتخب ثلثمائة رجل مع ابنه خالد وضم إليه جهم بن ذخر وبعثه وذلك الرجل يدل به وواعده أن يناهضهم العصر من الغداة ولما كان الغد وقت الظهر أحرق يزيد كل حطب عنده حتى اضطرمت النيران ونظر العدو إلى النار فهالهم وحاموا للقتال آمنين خلفهم فناشبهم يزيد إلى العصر وإذا بالتكبير من ورائهم فهربوا إلى حصنهم وأتبعهم المسلمون فأعطوا ما بأيديهم ونزلوا على حكم يزيد فقتل المقاتلة وسبى الذرية وقاد منهم اثنى عشر ألفا إلى وادى جرجان ومكن أهل الثار منهم حتى استلحموهم وجرى الماء على الدم وعليه الأرحاء فطحن وخبز وأكل وقتل منهم أربعين ألفا (1) وبنى مدينة جرجان ولم تكن بنيت قبل ورجع إلى خراسان وولى على جرجان جهم بن ذخر الجعفي ولما قتل مقاتلهم صلبهم فرسخين عن يمين الطريق ويساره * (وفاة سليمان وبيعة عمر بن عبد العزيز) * ثم توفى سليمان بدابق من أرض قنسرين من سنة تسعة وتسعين في صفر منها وقد كان في مرضه أراد أن يعهد إلى ولده داود ثم استصغره وقال له كاتبه رجاء بن حيوة ابنك غائب عنك بقسطنطينية ولا يعرف حياته من موته فعدل إلى عمر بن عبد العزيز وقال له انى والله لأعلم أنها تكون فتنة ولا يتركونه أبدا يلي عليهم إلا أن أجعل أحدهم بعده وكان عبد الملك قد جعل ذلك له وكتب بعد البسملة هذا كتاب من عبد الله سليمان أمير المؤمنين لعمر بن عبد العزيز انى قد وليتك الخلافة من بعدي ومن بعدك يزيد بن عبد الملك فاسمعوا له وأطيعوا واتقوا الله ولا تختلفوا فيطمع فيكم وختم الكتاب ثم أمر كعب بن جابر العبسي صاحب الشرطة أن يجمع أهل بيته وأمر رجاء بن حيوة أن يدفع لهم كتابه وقال أخبرهم انه كتابي فليبايعوا من وليت فيه فبايعوه رجلا رجلا وتفرقوا وأتى عمر إلى رجاء يستعمله ويناشده الله والمودة يستعفى من ذلك فأبى وجاءه هشام أيضا يستعمله ليطلب حقه في الامر فأبى فانصرف أسفا أن يخرج من بنى عبد الملك ثم مات سليمان وجمع رجاء أهل بيته فقرأ عليهم الكتاب فلما ذكر عمر قال هشام والله لا نبايعه أبدا فقال له رجاء والله نضرب عنقك فقام أسفا يجر رجليه حتى جاء إلى عمر بن عبد العزيز وقد أجلسه رجاء على المنبر وهو يسترجع لما أخطأه فبايعه واتبعه الباقون ودفن سليمان وصلى عليه عمر بن عبد العزيز والوليد كان غائبا عن موت سليمان ولم يعلم بيعة عمر فعقد لواء و دعا لنفسه وجاء إلى دمشق ثم بلغه عهد سليمان فجاء إلى عمر واعتذر إليه وقال بلغني أن سليمان لم يعهد فخفت على الأموال أن تنهب فقال عمر لو قمت بالأمر لقعدت في بيتي ولم أنازعك فقال عبد العزيز والله لا أحب لهذا الامر غيرك وأول ما بدأ به عمر لما استقرت البيعة له انه رد ما كان لفاطمة بنت عبد الملك زوجته من المال والحلي
(٧٤)