وجاؤا باعلامهم بيضاء عليها مكتوب ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض الآية وأدخلت إلى بغداد منكوسة واضمحل أمر القرامطة بالسواد * (استيلاء القرامطة على مكة وقلعهم الحجر الأسود) * ثم سار أبو طاهر القرمطي سنة تسع عشرة إلى مكة وحج بالناس منصور الديلمي فلما كان يوم التروية نهب أبو طاهر أموال الحجاج وفتك فيهم بالقتل حتى في المسجد والكعبة واقتلع الحجر الأسود وحمله إلى هجر وخرج إليه أبو مخلب أمير مكة في جماعة من الاشراف وسألوه فلم يسعفهم وقاتلوه فقتلهم وقلع باب البيت وأصعد رجلا يقتلع الميزاب فسقط فمات وطرح القتلى في زمزم ودفن الباقين في المسجد حيث قتلوا ولم يغسلوا ولا صلى عليهم ولا كفنوا وقسم كسوة البيت على أصحابه ونهب بيوت أهل مكة وبلغ الخبر إلى المهدى عبيد الله بإفريقية وكانوا يظهرون الدعاء له فكتب إليه بالنكير واللعن ويتهدده على الحجر الأسود فرده وما أمكنه من أموال الناس واعتذر عن بقية ما أخذوه بافتراقه في الناس * (خلع المقتدر وعوده) * كان من أول الأسباب الداعية لذلك ان فتنة وقعت بين ماجوريه هارون الحال ونازوك صاحب الشرطة في بعض مذاهب الفواحش فحبس نازوك ماجوريه هارون وجاء أصحابه إلى محبس الشرطة ووثبوا بنائبه واخذوا أصحابهم من الحبس ورفع نازوك الامر إلى المقتدر فلم يعد أحدا منهما لمكانهما منه فعاد الامر بينهما إلى المقاتلة وبعث المقتدر إليهما بالنكير فأقصرا واستوحش هارون وخرج بأصحابه ونزل البستان النجمي وبعث إليه المقتدر يسترضيه فأرجف الناس أن المقتدر جعله أمير الأمراء فشق ذلك على أصحاب مؤنس وكان بالرقة فكتبوا إليه فأسرع العود إلى بغداد ونزل بالشماسية مستوحشا من المقتدر ولم يلقه وبعث ابنه أبا العباس ووزيره ابن مقلة لتلقيه وإيناسه فلم يقبل وتمكنت الوحشة وأسكن المقتدر ابن خاله هارون معه في داره فازداد نفور مؤنس وجاء أبو العباس بن حمدان من بلاده في عسكر كبير فنزل عند مؤنس وتردد الأمراء بين المقتدر ومؤنس وسار إليه نازوك صاحب الشرطة وجاءه بنى بن قيس وكان المقتدر قد أخذ منه الدينور وأعادها إليه مؤنس واشتمل عليه وجمع المقتدر في داره هارون بن عريب وأحمد بن كيغلغ والغلمان الحجرية والرجال المصافية ثم انتقض أصحاب المقتدر وجاؤا إلى مؤنس وذلك في فتح سنة سبع عشرة فكتب مؤنس إلى المقتدر بأن الناس ينكرون سرفه فيما أقطع الحرم والخدم
(٣٧٩)